في حوار أثير عبر فضاء (تويتر) أرسل لي أحدهم سؤالا بريئا، حتى لا أقول ساذجا، مفاده إذا كانت زوجتك قادت السيارة خارج المملكة فمن يذهب معها؟ إلى هذه الدرجة من التقليل يجوز السؤال في حق المرأة كلما انفردت بتصرف أو مارست شأنا من شؤون حياتها. يَفترض هذا (البريء!!) أنني آخذ دور (المعاون) كلما أرادت زوجتي أن تذهب لمشوار في السيارة، أو يتصور أن عقلها لا يتحمل هذه المسؤولية الكبرى في عبور الطرقات والشوارع والوصول إلى أهدافها. ولأني لا أعرف هذا السائل فسوف أعذره لسبب واحد فقط، وهو أن بعض الرجال لدينا يتربون على (التنقيص) من المرأة إلى حد أنهم يصبحون غير قادرين، عقليا ونفسيا، على تخيل ممارستها لفعل (جلل) مثل قيادة السياره. وأكثر من ذلك يعتبرون أن من فعلت ذلك هي من كوكب آخر غير كوكبهم الذي تُطحن فيه المرأة على أيدي بعض الأزواج والأبناء وعلى أيدي السائقين الذين وصل بهم الأمر في بعض الأحيان إلى رمي المفاتيح في وجهها لتبقى في الشارع ضائعة لا تدري ماذا تفعل. ولو فكر هذا السائل أو المعترض قليلا لوجد أن المرأة في ظل مفارقات مجتمعنا تذهب وتعود لوحدها مع السائق الغريب، فما الفرق إذا بين وحدتها في سيارتها ووحدتها في المقعد الخلفي؟ لا فرق إلا اللهم أنها في سيارتها تنال حقها في قضاء لزوميات حياتها وتشعر بكرامتها واحترامها لنفسها واحترام المجتمع لها، بينما هي مع السائق (مركونة) تحت رحمته وغشامته وسوء خلقه، وربما سوء سلوكه وتصرفاته، معها ومع بناتها وأبنائها. ولذلك فإنني أوجه هنا نفس السؤال الذي أرسلته في تويتر: كيف تصدقون إلى الآن أن قيادة المرأة للسيارة أخطر من وجود سائق غريب في البيت والسيارة؟!!