قال الله تعالى : - { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } ، اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ ، أَيْ لَيْسَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ ، فَمَنْ أَخْطَأَ الْحَقَّ وَقَعَ فِي الضَّلَالِ . وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ الشَّطْرَنْجِ ، وَعَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ . وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ بَعْضُهُمْ : فَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ فَهُوَ غَالِطٌ ، فَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ يَنْقُلُ أَقْوَالًا بِلَا إِسْنَادٍ ، وَإِجْمَاعُهُمْ كَافٍ فِي الْحُجَّةِ ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا ضَعْفٌ وَإِرْسَالٌ ، فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ وَالِاعْتِبَارِ لَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الطُّرُقِ وَاشْتِهَارِهَا ، فَمَا كَانَ مِنْهَا صَالِحًا فَهُوَ حُجَّةٌ بِانْفِرَادِهِ ، وَمَا كَانَ مُعَلَّلًا فَإِنَّهُ يَقْوَى بِتَعَدُّد طُرُقِهِ ، وَتَغَايُرِ شُيُوخِ مُرْسِلِهِ ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى النَّرْدِ بِجَامِعِ الضِّدِّ ، بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ ، وَمَالِكٌ ، وَغَيْرُهُمَا شَرٌّ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إِفْسَادِ الْقُلُوبِ مِنَ النَّرْدِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى فِكْرٍ ، وَتَقْدِيرٍ وَحِسَابِ النَّقَلَاتِ قَبْلَ النَّقْلِ ، بِخِلَافِ النَّرْدِ يَلْعَبُ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَحْسِبُ . وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى كَرَاهَتِهِ تَنْزِيهًا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ ، مَا لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا ، وَتُعْتَبَرْ بِالْعُرْفِ ، وَلَمْ يَلْعَبْ مَعَ مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ ، أَوْ يَكُنْ عَلَى شَكْلِ الْحَيَوَانِ ، أَوْ يَهْذِي عَلَيْهَا ، بَلْ حَفِظَ اللِّسَانَ عَنِ الْخَنَا ، وَالْفُحْشِ ، وَالسَّفَهِ ، وَمَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قِمَارٌ ، وَلَمْ يَلْعَبْهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَلَمْ يُؤَخِّرْ بِهِ صَلَاةً ، وَإِلَّا حُرِّمَ فِي الْجَمِيعِ ، زَادَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : وَمَا لَمْ يَلْعَبْهُ مَعَ الْأَرَاذِلِ ، وَلَمْ يُؤْثِرْ نَحْوَ حِقْدٍ ، أَوْ ضَغِينَةٍ ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى إِشَارَةٍ لِلَّفْظٍ لَا يُرْضِي .