«الوسم» بعد عشرة أيام.

قبل 10 سنوات

تحظى فصول ومواسم الطقس السنوية بمتابعة واهتمام من قبل شريحة كبيرة، خاصةً الفلكيين، والمزارعين، وقنّاصة الطيور في الجزيرة العربية، باعتبارها تقويماً خاصاً لهم لمعرفة التغيّرات الجوية والظواهر الفلكية التي تحدث في كل فصل، ومن المتوقع أن تشهد المملكة هذا العام أمطاراً غزيرة، خاصة في الرياض، وحائل، والخرج، والحريق، وحفر الباطن، إلى جانب شدة البرد خلال فصل الشتاء، رغم التقلبات الجوية بين دخول نجم وخروجه.

ويعد «الوسم» -الذي يوافق يوم الخميس 22 من ذي الحجة، ويستمر (52) يوماً- من أهم المواسم؛ لأنّه موسم هطول الأمطار والتغيّرات الجوية التي تحدث بعد أشهر الحر والجفاف، يعقبه موسم «المربعانية» وله (39) أو (40) يوماً، وفيه يبرد الجو، أما نهايتها يشتد البرد ويطول الليل، ثم يبدأ موسم «الشبط» الذي تبلغ عدد أيامه (26) يوماً ولا تزال الأجواء باردة، يليه موسم «العقارب» وعدد أيامها (39) يوماً، حيث سميت بذلك كناية عن شدة بردها وما يسببه من أذى، إذ تعد العقارب آخر مواسم الشتاء، حيث تحل فترة الربيع «المراويح» التي تتميز بتفاوت درجة الحرارة في الارتفاع والانخفاض، وكثرة تكون السحب والتقلبات الجوية في اليوم الواحد؛ مما يؤدي إلى كثرة الإصابة بنزلات البرد وأمراض الحساسية والرشح.

نجوم الوسم

وأوضح «عبدالعزيز بن سلطان الشمري» -باحث علمي فلكي وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك - أنّ موسم الأمطار يبدأ -بمشيئة الله تعالى- مع دخول «الوسم» يوم الخميس 22 من ذي الحجة الموافق 16 أكتوبر، ويستمر حتى 7 ديسمبر، وتبلغ عدد أيامه (52) يوماً مقسمة على أربعة منازل -أنواء- من منازل القمر، ولكل منزلة (13) يوماً، أولها «نجم العواء» الذي يبدأ يوم 16 أكتوبر، وفيها يعتدل الجو في النهار ويبرد ليلاً، وبداية سقوط المطر -بمشيئة الله تعالى-، وفيه ينبت «الشيح» و»الفقع» و»النفل» والأعشاب البرية، وتستمر فيه غرس فسائل النخيل، ويزرع فيه البرسيم، والبقول، والخضار، لافتاً إلى أنّ العرب كانت تقول: «إذا طلعت العواء طاب الهواء، وضرب الخباء، وكره العراء وشنن السقاء، كما تبدأ هجرة طيور الحبارى والكروان والسمق»، ويليه من منازل الوسم «نجم السماك» الذي يبدأ دخوله يوم 29 أكتوبر، وفيه تزداد برودة الجو بالليل، وتهب فيه الرياح الجنوبية، وتكون أمطاره غزيرة -بمشيئة الله-، وفيه يزرع القمح، والشعير، وتزرع البقول، والخضار، وتسمد الأشجار، وكانت العرب تقول فيه: «إذا طلع السماك، ذهبت العكاك وقل على الماء اللكاك».

وأضاف أنّ بعد ذلك يأتي «نجم الغفر» الذي يبدأ يوم 11 نوفمبر، وفيه تزداد برودة الجو في الليل، ويعتدل الجو في النهار، ومطره ينبت «الفقع» -بمشيئة الله تعالى-، وتستمر زراعة القمح، والشعير، والخضار، وتبدأ هجرة قطا نجد، فيما أنّ آخر نجوم الوسمي فهو «الزبانا» الذي يبدأ يوم 24 نوفمبر، حيث تزداد برودة الجو وتشتد الرياح الباردة، ومطره ينبت «الفقع»، وتستمر فيه زراعة القمح، والشعير، والخضار، والبقول.

أمطار غزيرة

وتوقع «الشمري» حدوث تغيرات كبيرة في الطقس والمناخ على مدى الخمس سنوات المقبلة؛ نتيجة أنّ الكرة الأرضية تحت تأثير الدورة الشمسية (24) التي بدأت في ديسمبر 2008م، وكانت قمة الدورة في شهر مايو2013م، حيث يكون هناك هطول أمطار لم تهطل منذ (40) عاماً على الجزيرة العربية، والعراق، وإيران؛ لتأثرها بمنخفضات البحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط، ومنخفض السودان، مشيراً إلى أنّه في حالة سقوط كميات من الأمطار تزيد على (200-250) ملم -كما يتوقع- سوف تكون هنالك كوارث طبيعية وفيضانات في حالة سقوطها -بمشيئة الله تعالى-، خاصةً في بعض مدن المملكة التي لم تشهد مثل هذه الأمطار منذ (40) عاماً، ومنها وادي حنيفة بالرياض، ومدينة حائل التي تهددها (6) أودية، والخرج، والحريق، وحفر الباطن.

وأضاف أنّه تم إنشاء مدن كاملة في بطون الأودية، وتم إغلاق بعضها وردمها، دون الأخذ في الاعتبار مخاطر السيول لكميات تزيد على (200) ملم، كما حصل في عام 1395ه وعام 1376ه وعام 1362ه وغيرها من السنوات المطيرة، مؤكّداً على أهمية أخذ الحيطة والحذر منها، مع احتمال تكرار تلك الحالات المرتبط بالدورات الشمسية.

برد قارص

وبيّن «عبدالعزيز الحصيني» -باحث في الطقس وعضو لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في المملكة - أنّ «المربعانية» تدخل بعد انتهاء الوسم في 7 ديسمبر 2014م، وعدد أيامها (39) يوماً، وتكون (40) يوما عندما تكون السنه «كبيسة»، موضحاً أنّها هي البداية الفعلية للشتاء‏، حيث يحدث الانقلاب الشتوي الذي يفصل بين البرد الهازل والبرد الجاد، لافتاً إلى أنّه ليس بالضرورة أثناء دخول «المربعانية» انخفاض درجة الحرارة بشكل مباشر، لكنها مظنة برد خاصة في حالة تسرب هواء شمالي اصله قطبي أو «سايبري»، مشيراً إلى أنّ عدد نجومها ثلاثة لكل نجم (13) يوماً، أولها «الإكليل» الذي يقلل فيه سقي المزروعات عدا ما يحتاج إلى سقى مستمر، كالقمح، وتهاجر بعض الطيور مثل «القطا»، وكانت العرب تقول فيه: «إذا طلع الإكليل هاجت الفحول، وشمرت الذيول، وتخوفت السيول».

وأضاف أنّ النجم الثاني هو «القلب»، الذي تهاجر فيه بعض الطيور ك»الوز الشتوي»، وفيه أطول ليلة وأقصر نهار، وكانت العرب تقول فيه: «إذا طلع القلب، امتنع العذب، وجاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرب -كناية عن شدة البرد-»، موضحاً أنّ آخر نجوم المربعانية هو «الشولة» حيث تهاجر بعض الطيور مثل «القطا المعاعي»، وكانت العرب تقول فيه: «إذا طلعت الشولة، طال الليل طوله، وأعجلت الشيخ بوله، وأشدت على العائل العولة».


ولفت «د.خالد بن صالح الزعاق» -المشرف على مرصد خاص للدراسات الفلكية والجيوفيزيائية– إلى أنّه بعد خروج المربعانية يبدأ موسم «الشبط» يوم الأحد 20 ربيع الأول الموافق 11يناير 2015م، وعدد أيامه (26) يوماً مقسمة على نجمين، هما: «النعايم» و»البلدة»، ويسمى عند العامة «شباط أول» و»شباط ثاني»، منوهاً بأنّ الشبط هي الطالع الرابع من فصل الشتاء، وتسمى في الخليج «برد البطين»؛ لأنّهم يعتبرون المربعانية بداية البرد أما برد البطين فهو قارس وأشد من برد المربعانية، وأبرد المواسم الفصلية؛ لأنّه يتسم بالجفاف، إلاّ أنّ برده يكون خارج البيوت أما الأمكنة المغلقة فغالباً لا يدخلها البرد.

وأضاف أنه في النجم الأول من الشبط المسمى «بالنعايم « أو موسم برد «الأزيرق»؛ لأنّ الأجسام تزرق من شدة البرد، وغالباً ما تكون السماء صافية زرقاء؛ بسبب تعرض المنطقة لنفحات المرتفعات الجوية الشمالية، كما يشتد البرد -لا سيما في الصباح الباكر- وتكثر فيه هبوب الرياح المفاجئة، وفي منتصفها تتكاثر السحب الممطرة، أما في النجم الثاني «البلدة» يبدأ البرد في الانحسار تدريجياً، الأمر الذي يجعل الماء يكثر جريانه في غصون الشجر، وتبدأ أوراقها بالظهور، فتحرث الأرض الزراعية، وتسمد كيماوياً، متوقعاً أن تهدأ حركة الرياح لكن البرودة مستمرة مع الصقيع المؤذي في الصباح الباكر، كما أنّ فصل الشتاء لهذه السنة سيطول على غير عادته، ويكون قوياً، معتبراً أنّ هبوب الرياح الشمالية المؤثر الرئيس على درجات الحرارة.

سعد الذابح

وأكّد «سلمان آل رمضان» -رئيس جمعية الفلك بالقطيف سابقاً– أنّه يعقب خروج الشبط دخول موسم «العقارب» في 10 فبراير، ولها ثلاث نجوم، مدة كل منها (13) يوماً، وفي السنه «الكبيسة» يكون آخرها (14) يوماً، مبيّناً أنّه يمكن تسميتها ب»مربعانية آخر الشتاء»، على غرار مربعانية أوله مع طوالع برج العقرب، موضحاً أنّه سميت بالعقارب كناية عن شدة بردها، وما يسببه من أذى، كما فيها «برد العجوز» أو «الحسوم» الذي يعرف ب»بياع الخبل عباته»، لافتاً إلى أنّ أول نجوم العقارب هو «سعد الذابح» في برج الجدي، الذي يعرف بعقرب الدم لكون برده لا زال شديداً؛ لأنّ فبراير من أشهر السنه الباردة، وهو سادس نجوم الشتاء ذو برد جاف وقاسي وقليل المطر، وتهب فيه الرياح الباردة.

وأضاف أنّ النجم الثاني هو «سعد بلع» في برج الجدي، وهو العقرب الثانية، وتعرف ب»عقرب السم.. تؤذي ولا تميت»، والسابع من نجوم الشتاء برده أخف من سابقه، لكن برد هذه الفترة يباغت على فترات متباعدة، وفيه برد «العجوز» أو «الحسوم»، بينه وبين النجم الأخير من الشتاء، وقد تهب الرياح الشمالية الباردة ولا يستقر الجو، مشيراً إلى أنّ آخر نجوم العقارب هو «سعد السعود» في برج الدلو، وهو آخر نجوم الشتاء، وفيه بداية اعتدال الجو في النهار وقد تهب العواصف، كما أنّ مطره نافع، لافتاً إلى أنّه استمد اسمه نظراً لاخضرار الأرض فيه -بإذن الله-، كما تبدأ الحرارة في الارتفاع، خاصةً وقت الظهيرة، ويقصر طول الليل، وفيه أيضاً بقية من «برد العجوز» وبرد «بياع الخبل عباته»، الذي سمي بذلك؛ لأنّه باع عباءته التي كانت تقيه من البرد، ظناً منه انتهاء الشتاء، لكنه يعود ويباغته فيؤذيه.

مراويح الربيع

وذكر «شبيب بن عبدالرحمن الحربش» -مهتم بالظواهر الجوية والفلكية– أنّه عند انتهاء العقارب تحل فترة الربيع أو ما تعرف -خصوصاً في نجد- بوسم «الصيف» أو «المراويح»؛ لأنّ أهم ما تتميز به هذه الفترة هي كثرة تكون السحب في فترات الرواح -من بعد الظهر حتى حلول الليل-، فيما تسمى في المنطقة الشرقية وبعض دول الخليج ب»السرايات»؛ لكثرة تكون وسريان السحب الرعدية ليلاً، مشيراً إلى أنّها تبدأ من منتصف شهر مارس، وتمتد حتى نهاية شهر مايو من كل عام؛ وتتكون من نواء «الحميمين» و»الأذرعة» و»ثلثا الثريا» -على وجه التقريب لا الدقة-، مبيّناً أنّه في النصف الأول من «المراويح» تعتدل الأجواء نهاراً، وتظل مائلة إلى البرودة ليلاً، بينما تتلاشى في الغالب -بمشيئة الله- موجات البرد القاسية، أما في نصفها الثاني فتكون الأجواء مائلة قليلاً إلى الدفء، وأحياناً إلى الحرارة وسط النهار، بينما تعتدل أطراف النهار والليل، وتكون الأجواء شديدة وسريعة التقلب والتغيّر خلال اليوم الواحد، خصوصاً في النصف الثاني من مارس ومعظم شهر أبريل، حيث تهدأ الأجواء أول النهار، ثم تضطرب بسحب رعدية ورياح عاتية بعد الظهر والعصر، ثم تستقر أول المساء، بعدها تكون باردة وأحياناً مثيرة للأتربة خلال بقية الليل والفجر؛ مما يؤدي إلى كثرة الإصابة بنزلات البرد وأمراض الحساسية.

وأضاف أنّه في فترة «المراويح» تكثر السحب الرعدية التي تتكون فترة الظهيرة والعصر «الرواح» بشكل سريع، وغالباً تهطل منها أمطار غزيرة، وقد تكون غزيرة جداً، وتصحب بالبرديات الكثيفة ذات الأحجام الكبيرة التي تتلف المحاصيل الزراعية، والمركبات، والممتلكات؛ مما يؤدي إلى نفوق المواشي، كما تكثر العواصف الترابية الكثيفة والعنيفة، خصوصاً خلال النصف الثاني من شهر أبريل، وكذلك خلال شهر مايو، وقد تمتد إلى الثلث الأول من شهر يونيو، فيما يصل الربيع في النصف الأول -نصف مارس الثاني وشهر أبريل- إلى أوج جماله واخضراره، خصوصاً في الفياض، ويكثر في أول هذه الفترة الكمأة «الفقع» إذا كانت مسبوقة بأمطار طيبة في الوسم -بمشيئة الله-، ويكثر خروج الأفاعي والعقارب من مكامنها؛ بسبب بدء دفء الأجواء.

http://www.alriyadh.com/982946

«الوسم» بعد عشرة أيام.
عندك أي منتج؟
عفواً.. لايوجد ردود.
أضف رداً جديداً..