"إن الله يغفر الذنوب [التي تمت التوبة منها] جميعا"

قبل 11 سنة

لمحة بلاغية: "قل يا عبادي الذين أسرفوا". تعنى (إقرأ: يا عبادي الذين أسرفوا). أي (إقرأ عليهم قولي: يا عبادي الذين أسرفوا) لأن "قل" هنا تأتي بمعنى (إقرأ). ولما كانت الكلمة القصيرة "قل" تُغني عن كلمة أخرى تحوي ضعف عدد حروفها كان استخدامُها أولى وأجمل والله أعلم.

دخول (ال) التعريف على كلمة (ذنوب) يجعل المقصود بها ذنوباً معينة ومعروفة للمتلقي من خلال الآيات الأخرى مثل "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف". لذا من البدهي هنا أنها الذنوب التي تمت التوبة منها ولذلك لا غرابة أن تأتي كلمة جميعاً بعدها لأن جميع الذنوب التي تمت التوبة منها يغفرها الله حتى الشرك.

ما أجمل العلم وما أجمل أن نتعلم القرآن بلسان عربي مبين. باللسان الذي أنزل به لا بلهجتنا العامية. يجب علينا قصف وقتل أي تفسير إبليسي يشجع على المعاصي. لأن الاعتقاد بأن الله يشجع على المعاصي كفر بالله والعياذ بالله. وهذا شيء معلوم من الدين بالضرورة.

وعلى هذا اتفق كبار مفسري وعلماء السلف الصالح كما يلي:

قال ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي ص12
"إن الله يغفر الذنوب جميعا" .. ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين. إهـ.

قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج12/ص483
والتحقيق أن يقال الكتاب والسنة مشتمل على نصوص الوعد والوعيد كما ذلك مشتمل على نصوص الأمر والنهي وكل من النصوص يفسر الآخر ويبينه فكما ان نصوص الوعد على الأعمال الصالحة مشروطة بعدم الكفر المحبط لأن القرآن قد دل على أن من ارتد فقد حبط عمله فكذلك نصوص الوعيد للكفار والفساق مشروطة بعدم التوبة لأن القرآن قد دل على أن الله يغفر الذنوب جميعا (((لمن تاب وهذا متفق عليه بين المسلمين))). إهـ.

تفسير ابن كثير ج1/ص512
قال (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) أي بشرط التوبة. إهـ.

تفسير ابن كثير ج4/ص59
هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر. إهـ.

تفسير ابن جرير الطبري ج24/ص17
وقوله إن الله يغفر الذنوب جميعا يقول إن الله يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها. إهـ.

شرح كتاب التوحيد للإمام سليمان بن عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله ج1/ص92
إن الله يغفر الذنوب جميعا فهنا عمم وأطلق لأن المراد به التائب. إهـ.

قال أبو عبد الله بن نصر المروزي (ت 294هـ) رحمه الله في كتابه تعظيم قدر الصلاة ج2/ص991
إن الله يغفر الذنوب جميعا يعنى بالإيمان والتوبة دل على ذلك بقوله تعالى وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب وجاء الخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال الإسلام يهدم ما قبله. إهـ.

وقال نصر بن محمد السمرقندي في تفسيره المسمى بتفسير السمرقندي ج3/ص182
إن الله يغفر الذنوب جميعا الكبائر وغير الكبائر إذا تبتم إنه هو الغفور لمن تاب الرحيم بعد التوبة لهم. إهـ

الجواب الكافي ج1/ص102
إن الله يغفر الذنوب جميعا وهذا فى حق التائب.

تفسير ابن زمنين ج4/ص117
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم بالشرك لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا التي كانت في الشرك. إهـ.

تفسير مقاتل بن سليمان ج3/ص137
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم لمن تاب منها. إهـ.

البرهان في علوم القرآن ج2/ص119
ومنها أن لفظ العباد مضافا إليه فى القرآن مخصوص بالمؤمنين قال تعالى "عينا يشرب بها عباد الله".

إعراب القرآن للنحاس (ت 338هـ) رحمه الله ج1/ص355
قال أبو جعفر أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات أن المحكمات ما كان قائما بنفسه لا يحتاج أن يرجع فيه إلى غيره نحو "ولم يكن له كفواً أحد"، "وإني لغفار لمن تاب وآمن". والمتشابهات نحو "إن الله يغفر الذنوب جميعا" يرجع فيه إلى قوله "وإني لغفار لمن تاب" وإلى قوله "إن الله لا يغفر أن يشرك به" فأما ترك صرف أخر فلأنها معدولة عن الألف واللام وقد ذكرناه فأما الذين في قلوبهم زيغ الذين في موضع رفع بالابتداء والخبر فيتبعون ما تشابه منه ويقال زاغ يزيغ زيغا إذا ترك القصد ابتغاء الفتنة.

مختصر الفتاوى المصرية ج1/ص317
فإن الله يغفر الذنوب جميعا بالتوبة.

شرح العقيدة الطحاوية ج1/ص368
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وهذا لمن تاب.

بدائع الفوائد ج3/ص573
ومن هذا قوله تعالى "قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا". فعباده ههنا الذين يغفر ذنوبهم جميعا هم المؤمنون التائبون.

الكشاف ج4/ص138
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً يعني بشرط التوبة وقد تكرّر ذكر هذا الشرط في القرآن فكان ذكره فيما ذكر فيه ذكراً له فيما لم يذكر فيه لأنّ القرآن في حكم كلام واحد ولا يجوز فيه التناقض.

تفسير السعدي ج1/ص182
إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب وأما التائب فإنه يغفر له الشرك فما دونه كما قال تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا أي لمن تاب إليه وأناب.

تفسير السعدي ج1/ص562
فإن الله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعا لمن تاب وأناب. إهـ.

التفسير الكبير ج3/ص147
المراد بها أنه تعالى يغفر جميع الذنوب مع التوبة. إهـ.

تفسير أبي السعود ج7/ص259
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أي أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي وإضافة العباد تخصصه بالمؤمنين على ما هو عرف القرآن الكريم. إهـ.

ويؤيد ما سبق أن الخطاب في بداية الآية موجه لعباد الرحمن حيث قال "يا عبادي".

وكذلك قول الله "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا". وآيات كثيرة تدل على أن الله لم ولن يغفر كل ذنب لكل إنسان. مثل إخباره عن أنه قد عاقب بالفعل كثيراً من الناس والأمم السابقة وقد جزم كذلك بأنه سيعذب آخرين في المستقبل وهذا يعني أنه لن يغفر لهم مثل أبي لهب "سيصلى ناراً ذات لهب" وقول الله "وما هم بخارجين من النار". وهذا يعني أن هناك أناساً لن يغفر الله لهم وأنهم سيعذبون في النار ولن يخرجوا منها. لذا يستحيل عقيدةً وشرعاً ولغةً ومنطقاً أن يكون معنى (يغفر الذنوب جميعاً) هو يغفر لكل إنسان في الدنيا كل ذنوبه. هذا مستحيل عقيدةً وشرعاً ولغةً ومنطقاً وفيه جهل باللغة وتكذيب لله.

فإن خالفك أحد في هذا فقل له اتق الله ولا تكفر وتُكذّب بكلام الله الذي جزم فيه بأنه لم يغفر لأقوام وعذبهم في الدنيا وأنه سيعذب أناساً مثل أبي لهب إذ قال عنه "سيصلى ناراً ذات لهب". وقال "وما هم بخارجين من النار". وقال "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا".

فإن عاند فقل له: إن اقتحم مجرم عليكَ وعلى أهلكَ البيت ليسلبكم ويقتلكم فقلت له (اتق الله) ثم قال لك "إن الله يغفر الذنوب جميعا". فما رأيك؟! هل ارتكابه لهذه المعاصي ضدكم مبرر بهذا الفهم الكفري المعوج الضال الجاهل باللغة العربية؟! وهل سترضى حينها عن هذا الفهم الإجرامي لهذه الجملة؟! لا شك حينها أنك ستكون إن شاء الله من أشد المحاربين لهذا الفهم الأحمق البشع الذين يمكن أن يهوي بصاحبه في نار جهنم عياذاً بالله.

وفي الرابط التالي فقرة عجيبة من تفسير إبليس لهذه الآية ج2 ص69:

http://www.mstaml.com/forum/fr.php?i=152194

"إن الله يغفر الذنوب [التي تمت التوبة منها] جميعا"
عندك أي منتج؟
الكل: 5

ظاهر كلامك يا أخ مشتر ولا أعلم يقينا هل هو ما تعنيه أو لا

أن

من سرق ولم يتب من سرقته أو أكل الربا أو سمع الغنا ولم يتب أنه لا يغفر له يوم القيامة

وبالأكيد يعذب بمعصيته لأنه مستثنى من مغفرة الله لجميع من أذنب ,,

إذا كنت تقصد ذلك فما سيلي رد :
الله عز وجل يجعل يوم القيامة لعبده ميزانا

ومعنى الميزان هو ماله موازنة بين شيئين

فميزان العبد يوم القيامة للخير كفه وللشر كفه

فإذا غلبت كفة الخير ذهب به للجنة

وإذا ثقلت كفة الشر ذهب به للنار

هذه جهة في حال يوم القيامة تثبت أن أي ذنب لا يخرج عن الموازين القسط يوم القيامة ,,
مع الأخذ بالاعتبار بأنه لا شيء يعدل كفة فيها شرك أكبر بالله ,,

من جهة ثانية :
الخصومات والحقوق لا يؤخذ المذنبون فيها للنار مباشرة وإنما هناك طريقة

يؤتى بالعبيد فيؤخذ من حسنات المخطئ منهم وتعطى لخصمه

فإن فنيت حسناته ألقي عليه من سيئات خصمه

ثم يسحب للنار

هذا المذهب بجمع الآيات والأحاديث الدالة على عدل الله يوم القيامة والذين يسبق قرار رحمته العظيمة وشفاعة نبيه الكريمة ,,

نسأل الله أن نكون ومن يقرأ كلامنا وجميع المسلمين من الناجين يوم القيامة

برحمة منه وفضل ,,

وهذا جانب عظيم وأخير لا يعترض العبد المؤمن فيه على ربه

فهو الرحيم بعباده المؤمنين على زلاتهم

ولن يدخل الجنة احد بعمله حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ,,

وجه رابع وأخير : من يا أخي يعلم ذنوبه كلها وتاب منها
هذه لم تكن إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو معصوم من الكبائر ودله ربه الخبير على صغار ذنبه فاستغفر

أما نحن جميعا فلربما أخطأنا وظننا ان خطأنا عبادة وقربة وجهلنا على أناس أو مدحناهم وهم عكس ما يستحقون ,,


التفسيرات للآية صحيحة لأنها معتمدة على أول الآية , وليس أحد من العلماء المفسرين ينكر الأوجه الأربعة التي ذكرتها لك في حق من لم يتب من ذنبه ,,
والفائدة المأخوذة من الآية هو المسارعة في محو سيئاتنا بحسناتنا قبل أن تنصب الموازين يوم القيامة فهنا سعة ومجال للاستكثار من العمل الصالح أما في الآخرة فسحب رصيد من الخير ,,

والله أعلم

ليس هذا ظاهر كلامي ولا باطنه يا أخ أنور.

كل معصية دون الشرك لم يُتب منها مكانها أنها تحت مشيئة الله. ولكن علينا أن نتذكر أن مشيئته ليست فوضوية ولا خبط عشواء. وأن نتذكر قبل التفكير في أي معصية أن لا أحد منا يضمن أن يكون ممن يشاء الله أن يغفر لهم أو حتى يوفقهم للتوبة أو يتقبلها منهم. ومن أراد أن تقبل توبته فليتق الله لأنه "إنما يتقبل الله من المتقين". فمن أقدم بعد ذلك على معصية فقد جازف وخاطر بنفسه مخاطرة عظيمة تحت مشيئة لا يضمن أن تشمله. لقد جازف نظراً لقول الله "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا". وغيرها من الآيات.

ملحوظة، من أراد أن تثقل موزاينه يوم القيامة فليحرص أن تقبل أعماله لأنها إن لم تقبل فلا وزن لها. ولكي تقبل أعماله عليه بتقوى الله فـ "إنما يتقبل الله من المتقين". جعلنا الله وإياكم للمتقين إماما.

عضو قديم رقم 145366
قبل 12 سنة وشهر
3

بختصر كلامي لك واقول الحمد لله ان الجنة والنار بيده لابيد بشر

بدءاً بالعنوان فهو غريب ( "إن الله يغفر الذنوب [التي تمت التوبة منها] جميعا" )

فإذا تمت التوبة منها جميعاً فمالحاجة إلى المغفرة منها , والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( التوبة تجب ما قبلها ) ويقول ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ).

أما مغفرة الذنوب فقد حسمه الخالق عز وجل بقوله ( إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) اي ان اي ذنب دون الشرك فباب مغفرته مفتوح , والمغفرة اقرب فهو تعالى رب الرحمة والمغفرة وقد ورد في الحديث القدسي ( رحمتي سبقت عذابي ) ونصوص اخرى كثيرة في هذا الباب

وغفران الذنوب وعدمها لله تعالى وليس للخلق لكي يغلقوا الأبواب في وجوه المفرطين .

بسم الله
شداد
يبدو لي أنك قرأت العنوان ورددت دون أن تقرأ الموضوع أصلحك الباري. وهل هناك إشكال في أن يبشر الله عباده أن يغفر كل ذنوبهم التي تابوا منها؟!
أليس في هذه البشارة تشجيعاً لغيرهم على التوبة إذا علموا أنهم إذا تابوا وأصلحوا سيغفر الله لهم الذنوب جميعاً حتى الشرك؟!

أضف رداً جديداً..