يعتمد الاقتصاد السعودى بشكل كبير على النفط ، والذى تشكل قيمة الصادرات منه نسبة 83 % من اجمالى قيمة الصادرات ، كما تمثل العائدات منه نسبة 90 % من ايرادات الموازنة السعودية ، كما يشكل البترول نسبة 45 % من الناتح المحلى الإجمالى السعودى . وحسب ييانات منظمة الأوبك فقد شكلت الصادرات السعودية من البترول الخام نسبة 19 % من الصادرات العالمية من الخام ، لتحتل المركز الأول فى التصدير ، كما يؤهلها وجود نسبة 18 % من الاحتياطيات الدولية من النفط الخام بها ، للاستمرار فى التربع على عرش صادرات النفط الدولية خلال السنوات القادمة ، حيث يكفيها الاحتياطى لمدة 63 عاما . خاصة وأنها تمتلك أكبر طاقة انتاج غير مستغلة حوالى 5ر2 مليون برميل يومى ، يمكن التدخل بها وقت الأزمات لاحداث التوازن فى أسواق النفط العالمية ، ومن هنا فقد أهلتها صادرات النفط الضخمة التى بلغت قيمتها 313 مليار دولار خلال العام قبل الماضى ، الى احتلال المركز السابع عشر دوليا فى قيمة الصادرات السلعية . ونظرا لقلة حجم واردتها السلعية لبلد يبلغ عدد سكانه بما فيهم الأجانب العاملين 27 مليون شخص ، بالمقارنة بقيمة صادرتها ، فقد حققت السعودية خلال السنوات الماضية فائضا تجاريا ضخما ، تفوق فى بعض السنوات مثل عام 2012 على ما تحققه الصين وألمانيا من فوائض تجارية . ومكنت تلك الفوائض الضخمة من تكوين احتياطى كبير من العملات الأجنبية بلغ 740 مليار دولار بنهاية 2013 ، وهو الاحتياطى الثالث عالميا فى قيمته بعد اللصين واليابان ، الأمر الذى مكنها من انشاء صندوق سيادى ، بلغت قيمة أصوله 757 مليار دولار بنهاية العام الماضى والذى يمثل الصندوق الثالث عالميا فى الحجم بعد صندوقى النرويج وأبو ظبى . وهكذا دفع احتلال السعودية المركز الأول فى تصدير النفط بها ، الى أن تحتل مكانة دولية متميزة ، رغم أنها تحتل المركز السادس والأربعين عالميا من حيث عدد السكان ، والمركز الستين عالميا من حيث قوة العمل البالغة ثمانية ملايين فقط ، وكذلك احتلالها المركز الثالث عشر عالميا من حيث المساحة . ومن أجل فوائضها النفطية كان إدخالها مجموعة العشرين فى فترة الأزمة المالية العالمية ، للاستفادة من فوائضها فى تعزيز موارد صندوق النقد الدولى وقتها ، وكذلك تلويح الدول الكبرى لها بالخطر الايرانى وخطر الدول الاسلامية لبيع مزيد من الأسلحة لها ، حتى أصبحت تستورد أسلحة تزيد قيمتها عما تستورده الهند البالغ سكانها 22ر1 مليار نسمة . ورغم كون ميزان الخدمات السعودى يحقق عجزا مستمرا ، بلغ خلال العام قبل الماضى 65 مليار دولار ، ونزوح مبالغ كبيرة من تحويلات العاملين الأجانب العاملين بها والتى بلغت 5ر29 مليار دولار عام 2012 ، إلا أنها مازالت تتلقى استثمارات أجنبية مباشرة بقدر كبير بلغت 3ر9 مليار دولار قبل عامين . مما يعنى أن العجز بالميزان الخدمى والتحويلات ، لم ينل كثيرا من الفائض التجارى الضخم ليسفر الميزان الكلى للمدفوعات عن فوائض مستمرة ، تضاف الى الاحتياطيات الأجنبية بمؤسسة النقد السعودى . وتساعد السياحة الوافدة للمملكة للحج والعمرة ، فى تقليل الفجوة بين انفاق السياحة الخارجة الكبير ، ومتحصلات السياحة بالداخل والتى بلغت مايقرب من 8 مليار دولار قبل عامين . - ورغم تلك الفوائض فإن معدلات البطالة مازالت مرتفعة ، واذا كانت البيانات الرسمية تشير الى نسبة 5ر10 % لها ، فإن تقديرات خبراء سعوديون تشير الى ضعف تلك النسبة المذكورة ، حيث تصل نسبة بطالة الشباب ( من سن 15- 24 سنه ) الى 21 % بين الذكور و54 % بين الإناث . كذك تصل نسبة الأمية حوالى 13 % والتى تزيد نسبتها بين النساء ، كما يفتقر شبابها لمهارات التعليم والتقنية ، مما لا يلبى احتياجات القطاع الخاص السعودى المر الذى يدفعه للاعتماد على العمالة الأجنبية والتى يزيد عددها عن 6 مليون عامل . كما تشير بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار لبلوغ الدين الخارجى السعودى 5ر90 مليار دولار ، بينما تشير جهات أخرى لقيمة أعلى . وتشير بيانات أوبك الى أن صادرات السعوية البترولية غالبيتها من الخام ، والذى تبلغ حصتها منه عالميا 19 % ، إلا أن حصتها من الصادرات الدولية للمنتجات البترولية 3 % فقط . وفى ضوء التوزيع الجغرافى للصادرات السعودية ، والذى يشير الى استحواز دول شرق وجنوب شرق آسيا النامية على نسبة 54 % من قيمتها ، الى جانب 6 % لغرب آسيا ، و12 % لأمريكا و12 % لليابان و9 % لأوربا و5ر4 % لأفريقيا و1 % للأمريكتين ومثلها للدول الانتقالية . فإن الاقتصاد السعودى يواجه فى الوقت الحالى مأزقا مزدوجا يتمثل فى الانخفاض الحاد فى أسعار النفط ، ثم فى تراجع النمو فى اليابان والصين وبعض جنوب شرق آسيا ، والتى تمثل المستورد رئيسى للنفط السعودى ، وبالتالى انخفاض الطلب على البترول السعودى بتلك الدول ومزيد من الانخفاض السعرى ، خاصة مع نقص واردات أمريكا البترولية ، وعدم اقبال أوربا على النفط السعودى الثقيل . ولا يخفى على أحد أن انخفاض سعر البترول كان بضغط أمريكى أوربى ، استجابت له السعودية للتأثير على اقتصاديات ايران وروسيا والدولة الاسلامية بالعراق والشام ، وهى الدول التى تعتمد على دخل البترول بشكل أساسى ، وقامت السعودية بتبنى توجيه أوبك لعدم انقاص انتاجها البترولى فى اجتماعها الأخير فى نوفمبر الماضى . ولذلك فقد توقع صندوق النقد الدولى فى تقريره الأخير بالشهر الحالى ، تحول فائض الموازنة المحدود بالعام الماضى بها والبالغ 1ر1 % ، الى عجز بنسبة 10 % بالعام الحالى ، كما توقع تراجع معدل النمو من 6ر3 % بالعام الماضى ، الى 8ر2 % بالعام الحالى . فى ضوء توقع الصندوق انخفاض متوسط سعر برميل البترول من 96 دولار بالعام الماضى ، الى 58 دولار للبرميل خلال العام الحالى ، وكذلك انخفاض معدل النمو بالصين الى 8ر6 % واستمار النمو الضعيف باليابان بنسبة 6ر0 % . وبالطبع سوف يؤثر تراجع ايرادات الموازنة على الانفاق الرأسمالى بالمملكة ، كما سيؤثر على استثماراتها المباشرة بالخارج والتى بلغت قيمتها نحو 5 مليار دولار بالعام قبل الماضى ، وعلى تحويلات العاملين بها ، وعلى السياحة الخارجة منها ، وكذلك على المعونات التى تقدمها للدول النامية ومنها مصر .