لي قريبٌ طالب بالجامعة أخبرني ذاتَ مرةٍ فقال أمرُّ على زميلي فلان لتوصيله معي وقد أخبرني زميلي هذا بأنه لم يدخل الجامعة إلا بعد مشورة شيخه الذي رأى بأن يأخذ الوسائلَ الحميدة لكسب العلم ونشره ، ففي جامعاتنا خير وعلم كبير لأكثر الملتحقين فيها لكنها مفاتيح إرشادية على شواطئ بحر العلم لمن أراد الغوص في هذا النعيم من حفظة بعض المتون كهذا الطالب الآسيوي الذي اعتنى بالعلم على الشيخ الشنقيطي مذ أن كان فتى حيث ظهرت عليه علامات الإهتمام بالعلم الشرعي ثم اشتغل في بعض الأعمال مع الشيخ حتى أظهر لنا هذا السر ، وهو سرٌ لا يكاد يعلم به إلا مَن رافق الشيخ محمد مختار الشنقيطي في مهماته السرية تلك. يخبر بأن هذا العمل يندرج تحت الأعمال الخفية للشيخ إلا عن الناس الذين لابدّ منهم العمل السري هذا هو تجهيز شاحنة كبيرة محملة بأنواعٍ من الأطعمة والأشربة التي اشتراها من ماله الخاص لتوزيعها مع العاملين معه على ضيوف الرحمن الحجاج في المشاعر المقدسة . ثم خَصّ الزميلُ زميلَه بشيءٍ في الخبر قائلا : لا يوزع الشيخ إلا متلثما متلطماً وقد نهى العاملين معه أن يذكروا هذا العمل وينشروه و الشيخ لا يجيز التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني فأكثر الناس لا يعرفه كعمله هذا الذي ينقرض صداه بيننا بعد رجوعنا إلى المدينة ثم يخمد الكلام عنه، فلا من شاف ولا من درى . ----------------- قال الله تعالى { فسقى لهما ثمّ تولّى إلى الظّل } . سقى موسى عليه السلام للمرأتين الراعيتين ثم تولى واختفى في الظل ولم يتول إلى موطن يظهره تحت الأضواء ويجد فيه الوسائل لكسب مدائح الناس . أفضل الأعمال ما كان في أيام العشر الأولى من ذي الحجة لخير الضيوف ضيوف الرحمن بخير الصدقات إطعام الطعام لله بخفاء وإخلاص . -------------- كما أخبر هذا المُرافق للشيخ بأن الشيخ يستضيف بعض ضعفاء الناس في أيامٍ من السنة فيذبح لهم نفائس الأغنام ، فقال له شخص : إن بعض الطعام يُرضِي مساكين الناس عن الطعام الكريم الغالي ، فكان يرد عليهم بأن الطيب النفيس باقٍ ، وكأنه يعرّض بحديث عائشة رضي الله عنها : أنهم ذبحوا شاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتصدقوا بها إلا كتفها ، فَقَالَ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ قَالَتْ عائشة : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلا كَتِفُهَا. قَالَ : بَقِيَ كُلُّها غَيْرَ كَتِفِهَا . --------------- والشيخ الشنقيطي كسائر العلماء يدعو للإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلا ، ويدعو للإقتداء بأقوال العلماء الربانيين إلا أنه في الواقع من الأخيار في مثل هذه الأفعال الطيبة ، أسأل الله أن يزيد الشيخ رفعة في الدنيا وأن يدخله الفردوس الأعلى من الجنة .