ماذا يحدث في العراق ؟

قبل 11 سنة

اذا يحدث في العراق ؟
------------------------
أحمد عبد الحافظ

التغيير الحقيقي في العراق سيغير السياسة الصهيوأمريكية والإيرانية الرافضية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، خاصة مع توتر الأوضاع في مصر وسوريا، مما يجعل القرار الأمريكي في مأزق حقيقي.

بداية القصة

تبدأ القصة مع اتساع رقعة الدم السني في البلاد العراقية خاصة في الشهور الستة الأخيرة، فقد أصبح العراق سرادق عزاء وعمت مأساة السنة من جديد في بغداد والفلوجة وسامراء والموصل، ويتكرر المشهد مأساويًا في مدن أخرى من محافظة صلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى، حيث الاعتقالات العشوائية والميلشيات المسلحة التي تستهدف العائلات والعشائر السنية بالتحديد، واعتقال النساء وتعذيبهن في السجون، ومئات القذائف التي تنهال على بيوتات أهل السنة، وكأن المالكي يشن حرب إبادة طائفية ضدهم، هذا فضلا عن قتل وحرق المزارع والبساتين والمساجد !!

انتخابات برلمانية طائفية

ومنذ شهر تقريبًا (مايو 2014م) شهد العراق انتخابات برلمانية، طغى عليها الطابع الطائفي وصراع الهوية بين السنة والشيعة، وأمام حالة التوتر والاضطهاد وسياسات التهميش التي يتعرض لها السنة من خلال ممارسات قوات المالكي الرافضي زادت حدة المطالبة بالإقليم السني غرب وشمال العراق، وأن تكون الأنبار غرب البلاد نواة له.

المطالبة بالإقليم السني

غير أن المالكي قابل مطالب الثائرين السنة بالتهميش، فاندلعت المظاهرات العارمة في نواحي العراق، حيث خرج مئات الآلاف من العراقيين السنة يعتصمون في ساحات محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك وغربى بغداد، مطالبة المالكي بالإقليم السني أو الرحيل، وكانت حجة أهل السنة في ذلك، أن "الإقليم هو ما يحفظ للسنة عقيدتهم ودماءهم وأعراضهم وما يحفظ للعراق وحدته وكيانه وإن شاء الله إذا اخترتموه فإنا معكم لسائرون لوطن مستقر قائم على العدالة والمساواة ومبدأ المواطنة".

سيطرة الثوار على محافظات عراقية

ظلت تلك الحالة من التوتر الشديد بين المالكي والعشائر السنية، والكل يتربص بالأخر، حتى كان الحدث المفاجئ للجميع، والذي زلزل الساحة العراقية وربما السياسة الإقليمية، والذي أعاد العراق في تلك الساعات إلى صدارة نشرات الأخبار وصور القنوات الفضائية والتحليلات السياسية، وهو ما حدث يوم الثلاثاء 10 يونيه 2014م حيث سيطرة الثوار السنة وبعض المقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الموصل (شمال العراق) ثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد، مما مكَّن الثوار من السيطرة على أكبر مصفاة للنفط في العراق، وتبلغ الطاقة التكريرية للمصفاة 300 ألف برميل يوميا، وهي تزود معظم محافظات العراق بالمنتجات النفطية وتعد مصدرا رئيسيا للكهرباء في بغداد.

وككرة الثلج آخذة بالاتساع من محافظة إلى أخرى، وفي مشهد متسارع أحكم الثوار الأربعاء 11 يونيه سيطرتهم بالكامل على محافظات كبيرة، مثل: محافظة نينوى شمال العراق ومركزها الموصل ومحافظة صلاح الدين ومركزها تكريت شمال غرب بغداد، ومحافظة الأنبار غرب العراق ومركزها الرمادي جنوب غرب الإقليم السني، واعتقال الكثير من رجال المالكي فيها.

ويبدو أن رياح السفن أتت بما لا يشتهي المالكي وشيعته، خاصة أن المالكي يتمتع بالكبر والغطرسة والاستعلاء، فكانت تلك الأحداث المفاجأة زلزلة له ولجيشه وبطانته، مما أفقد توازنه في اتخاذ القرار، فخرج علينا الثلاثاء في مؤتمر صحفي يطالب المواطنين بحمل السلاح ومساعدة الدولة لاستعادة ما فقده جيشه أمام الثوار، والأكثر من ذلك نداءه الواضح للجماعات المسلحة والصحوات بمقاتلة العراقيين، في إشارة واضحة إلى إشعال حرب أهلية طائفية تأكل الأخضر واليابس.

بيان هيئة علماء المسلمين في العراق

وعلى الجانب الآخر وفي خطوة جيدة لمزيد من الثقة في صفوف الثوار، أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا الثلاثاء 10 يونيه 2014م باركت فيه للثوار بكل فصائلهم وعناوينهم الانتصارات الباهرة التي حققوها في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وقالت الهيئة في بيان لها: "كما هو متوقع تهاوت قوات المالكي وأجهزته الأمنية أمام ضربات الثوار في مدينة الموصل؛ لتؤكد الأحداث أن الخائن خائف والظالم لا ينجو بفعلته مهما طال الزمن. لقد فرّت قوات المالكي وفر شركاؤه السياسيون كما هي العادة، وتأكد للقاصي والداني أن هؤلاء ليسوا رجال دولة وأنهم لا يعدون كونهم أدوات كانت تنفذ لأسيادها في خارج العراق مخططاتهم وأطماعهم مقابل فتات يحصلون عليه منها ليس إلا".

ودعت الهيئة، جميع الشباب القادرين على حمل السلاح إلى الالتحاق بصفوف الثوار؛ لأداء واجبهم في تطهير الأرض من فلول الظالمين وإعادة الحق إلى نصابه .. مشددة على ضرورة اشتراك الجميع في هذا الشرف الكبير الذي سيذكر لأهله ويكتبه التاريخ، وقبل ذلك يسجل عملا صالحا في صحائف العباد؛ ليكون لهم شفيعاً يوم القيامة [1].

وهذا البيان يمثل قدرا كبيرا من الأهمية؛ لما تتمتع به الهيئة من موفور الثقة الكبيرة في قلوب أهل السنة في الداخل والخارج، وما تمثله الهيئة من مرجع شرعي يُكَنُّ له كل احترام وتقدير في المحافل الدولية.

حقائق هامة
وأمام هذه الأحداث المتسارعة تبرز لنا جملة من الحقائق الهامة، والتي توضح حقيقة الحالة العراقية الآن، ومنها:

أولًا: أن ما تشهده العراق الآن ثورة شعبية عارمة، تشارك فيها جميع طوائف المجتمع العراقي الوطنية، ضد الرافضة ومن ساندهم، هؤلاء الذين أهلكوا الحرث والنسل وعاثوا في الأرض فسادًا وظلمًا.وليس –كما تدعي القنوات والصحف الشيعية الموالية للمالكي ولحكومته– أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، هو من يحمل السلاح ويتولى أمر السيطرة على الموصل وغيرها، وإنما حقيقة الأمر أن هؤلاء الثوار من فصائل مختلفة، من العشائر العراقية وإسلاميين وقوميين وداعش، جمعهم هدف تخليص العراق من الظلمة الذين سرقوا أموالهم وهتكت أعراضهم.

ثانيًا: أظهرت تلك الأحداث الوجه الحقيقي للمالكي وجيشه، فقد ظهر المالكي مرتبكًا خائفًا مضطربًا هو وميلشياته، فها هو المالكي يلجأ إلى الفرار مع أول مواجهة حقيقية، فهو يريد أن يخلص نفسه وفقط، مما يؤكد أن ذلك الجيش يمثل حكومة المالكي الهالكي المجرم، فليس جيشه يدافع عن حق أو وطن بل يدافع عن ظالم مجرم، أهان الناس وكرامتهم ومقدساتهم، فقد أشارت التقارير والشهود إلى أن عناصر الجيش والشرطة هربوا تاركين مواقعهم ومعسكراتهم التي تغص بالأسلحة والمعدات، مع أن الجيش العراقي ذلك يصرف عليه عشرات المليارات سنويًا، وها هو يتهاوى في اقل من ثلاث ساعات وفي وضح النهار، فما كان لهذا الجيش الطائفي أن يصمد أمام أهل الحق !!

وهذا يؤكد كذلك أن الجيش العراقي ليس على قلب رجل واحد، فقد حمَّل أثيل النجيفي محافظ نينوى الأربعاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية سقوط عاصمة المحافظة الموصل بأيدي مسلحين، قال النجيفي إن "القادة العسكريين والجيش العراقي تبخروا في الموصل"، وطالب بـ"محاكمة عسكرية لقادة عمليات المدينة". واعتبر أن "ما حدث في نينوى انهيار لحكومة رئيس الوزراء، وأن انهيار المنظومة الأمنية في الموصل ساهم في ظهور وتحرك كل الجماعات الرافضة لسياسة المالكي ووجود الجيش" [2].

وأمام هذه الحالة من الجبن والهلع الذي انتاب جيش المالكي الطائفي، فقد توعد المالكي "المتخاذلين" عن أداء المهام العسكرية بعقوبات تصل الإعدام، وذلك على خلفية فرار قواته من الموصل وسقوطها أمام ثوار العشائر. وقال علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الثلاثاء: "إن القوات المسلحة بالعراق أصدرت توجيهات باتخاذ أقصى الإجراءات القانونية صرامة بحق من يتخاذل أو يقصر بأداء مهامه العسكرية" [3].

وهذه رسالة لأهل الحق في كل مكان أن اصمدوا فما الباطل إلا فقَّعة، وعند أول مواجهة يلوذ بالفرار، إذ لا عقيدة يدافع عنها ولا وطن يضحي من أجله !!

ثالثًا: المالكي يستغيث بالغرب ويستثير مشاعر أمريكا والأمم المتحدة، فقد استمعت إلى كلمة المالكي، ولاحظت أنه كرر أكثر من خمسين مرة مرادفات: "الحرب على الإرهاب" "الجماعات الإرهابية" "داعش الإرهابية" "إنقاذ العراق من الإرهاب".

وتلك نفسها المرادفات التي يستخدمها بشار في سوريا والانقلابيَّين حفتر في ليبيا والسيسي في مصر، وكأن ذلك الرباعي جاء ليخدم مصالح أمريكية واضحة في المنطقة، حتى أصبحت كلمة الحرب على الإرهاب إيذانًا بالتدخل العسكري الأمريكي المباشر، فقد دعا نوري المالكي -في كلمته الثلاثاء 10 يونيه 2014م عقب سقوط الموصل- مجلس النواب إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى، وطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية بدعم العراق في حربه ضد "الإرهاب"، كما دعا الجهات الرسمية بالبلاد إلى دعم الإجراءات الشعبية لحمل السلاح والاستنفار لإعادة الحياة لطبيعتها في نينوى وغيرها.

ومن ناحية أخرى ظهر مدى تركيز المالكي على داعش وإغفاله دور الثوار والعشائر السنية؛ وذلك ليضع تبريرا للتدخل الإيراني والأمريكي من جهة، ويبرر التعامل بعنف مع القوات السنية، ربما لا يتورع فيها عن استخدام الأسلحة الثقيلة !!

واستغاثة المالكي بأمريكا والغرب تزيل وهم القوة الإيرانية الرافضية في المنطقة، وتكشف زيف عداوة الرافضة لأمريكا، بينما الحقيقة أنهم بعبع تحت السيطرة !!

في الختام
هل تكون التطورات الأخيرة في نينوى والموصل نقطة بداية لتحرير العراق بأكمله من الدنس الإيراني والشيعي ؟!

احمد عبد الحافظ

ماذا يحدث في العراق ؟
عندك أي منتج؟
عفواً.. لايوجد ردود.
أضف رداً جديداً..