الأحاديث التي ظاهرها أن من نطق بالشهادتين حُرّم على النار ليست على إطلاقها ، وإنما هي مقيدة بأحاديث أخرى ، جاء فيها : أنه لا بدّ لمن قال : لا إله إلا الله ، أن يعتقد معناها بقلبه ، ويعمل بمقتضاها ، فيكفر بما يعبد من دون الله ، كما في حديث عتبان : (( فإن الله حرّم على النار مَن قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )) . وإلا فالمنافقون يقولون : لا إله إلا الله بألسنتهم ، وهم في الدرك الأسفل من النار ، ولم ينفعهم النطق ب ( لا إله إلا الله ) لأنهم لا يعتقدون ما دلت عليه بقلوبهم . وفي صحيح مسلم : (( من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله )) . فعلّق النبي صلى الله عليه وسلم حرمة المال والدم على أمرين : الأول قول : لا إله إلا الله ، والثاني : الكفر بما يعبد من دون الله ، ولم يكتفِ بمجرد النطق ب ( لا إله إلا الله ) فدل على أن الذي يقول : لا إله إلا الله ولا يترك عبادة الموتى والتعلق بالأضرحة لا يَحْرُم ماله ودمه ) . كما ورد في كتاب لأحد كبار العلماء الربانيين يتحدث فيه عن فتنة عبادة القبور والتي تُعدُّ بعشرات الألوف بين أهل السنة والشيعة . ================================================================ كما ورد فيه أن الحق في الخلق عزيز وأهل الحق هم الأقلون عدداً { سُنّة الله التي خلَت من قبلُ ولن تجد لِسنة الله تبديلا }. قال تعالى { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } وقال تعالى { وإن تطع أكثرَ مَن في الأرض يُضِلوك عن سبيل الله } . وقال تعالى { وإن كثيرا من الناس لفاسقون } وقال تعالى { وما ءامن معه إلا قليل } وورد فيه العديد من الأدلة من الكتاب والسنة المبينة لشبهة القلة والكثرة التي يرددها بعض الناس . مع شبهة خفاء الحق وقول أهل الأضرحة المعبودة : لو كان ما تدعو إليه حقّا ما خفي على فلان وفلان من مشايخنا في الطريقة والجواب عن هذه الشبهة : بأنها هي نفسها دعوى الكفار الأوائل فيما أخبر الله - تعالى - عنهم في قولهم { لو كان خيراً ما سبقونا إليه } . وفي قوله سبحانه { أهؤلاء مَنّ اللهُ عليهم مِن بيننا } . و قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : ( اعرف الحق تعرف أهله ) . وفي الكتاب نصوص كثيرة من القرآن ترد على قول عبّاد القبور : نحن لا نعتقد فيهم ، ولكن هؤلاء ( أي المقبورين ) أولياء الله الصالحين، ونحن لم نصل إلى المنزلة التي وصلوا إليها ، فنحن نرغب إليهم في قضاء الحاجات ، ونطلب منهم الشفاعات والوسطات ، كما يشفع أهل الحاجات عند الملوك والرؤساء والوزراء والوجهاء . والجواب : أن هذا هو عين ما قاله الكفار الأوائل حين أخبر الله تبارك وتعالى عنهم ثم أورد آيات كما في سورة يونس آية 18 وسورة الزمر الآية 3 وغيرها من الآيات والأدلة الواضحات . جزاه الله خيراً .