في ديترويت ولد الطفل الأسود الفقير بنيامين كارسون ، في 18/9/1951
وعاش مع والدته في ظل فقر مدقع...!!
كانت الأم تعمل بجد وجهد كبير لتأمين حياة متواضعة لإبنها ، ولم تكن تعتمد على ما توفره الحكومة من رعاية اجتماعية...!!
يقول عنها ابنها بن كارسون في سيرته الذاتية : لقد كانت تعمل كثيرا ، وفي بعض الأحيان كنا حتى لا نراها طوال أسبوع كامل ، كانت تغادر المنزل عند الساعة الخامسة صباحا وتعود عند الساعة الحادية عشر ليلا أو في منتصف الليل متنقلة من وظيفة لأخرى ، فقد كانت مصممة على ألا تكون واحدة من أولئك الأمهات اللواتي يعتمدن على الرعاية الاجتماعية...!!
في ظل انشعالها بالكفاح المتواصل من أجل صغيرها ، فإنها لم تتمكن من متابعة تحصيله الدراسي ، وصدمت عندما علمت أن ابنها هو الأسوء ، والأقل قدرات في صفه الدراسي...!!
وكانت قد لاحظت من خلال عملها في منازل الأثرياء أن أولادهم كانوا يقضون ساعات ما بعد المدرسة وهم يقرؤون الكتب بنهم شديد بينما كان ابنها يضيع وقته في اللعب ومشاهدة البرامج التلفزيونية...!!
ولذلك قررت الأم أن تخطط لأمر معين ، كانت تدرك في أعماقها أنه سيحدث تغيير في حياة صغيرها...!!
حين عادت إلى المنزل أخبرت ابنها بقرارها فقالت له كما يحكي "بن" : سوف تبدأ بمطالعة الكتب بمعدل كتابين أسبوعيا ، وسوف تطفئ أي جهازمعك، ولكي أتأكد من أنك تقرأ ستزودني بتقارير عن الكتب التي تقرئها أسبوعيا...!!
يقول "بن" عن والدته : كانت شديدة وحازمة في تنفيذ قرارها رغم معارضتي لذلك في بداية الأمر ، لكن أمام اصرارها ، وحتى لا تحرمني من اللعب ومشاهدة التلفاز ..
كان "بن" بستعير كتابين في الأسبوع من المكتبة العامة ، ويكتب عنهما تقرير لوالدته التي أخبرته بأنها ستقوم بمراجعة التقارير بدقة على الرغم من أنها لم تحصل إلا شهادة الصف الثالث الابتدائي...!!
يقول "بن" فيما بعد وحين قام بتطبيق قرار والدته الحكيم : وصلت إلى نقطة بحيث إنه إذا توافرت لي خمس دقائق كنت أطالع كتابا ، لا يهم المكان الذي أكون فيه سواء كنت أنتظر الحافلة ، أو حول مائدة العشاء ، والدتي التي كانت دائما تحثني على القراءة أصبحت تزجرني " بن ضع الكتاب جانبا وتناول طعامك "...!!
فيما بعد أصبح "بن" الأول على صفه الدراسي تخرج من المدرسة الثانوية بتفوق الأمر الذي مكنه من الحصول على منحه للالتحاق بالجامعة...!!
كان حلمه أن يكون طبيبا ، وفعلا سجل بكلية الطب ، وتميز فيها ، تدرب وعمل في عدة مستشفيات ذات مكانة عالية في بلاده...!!
عندما بلغ من العمر (33) عام أصبح رئيس قسم جراحة أعصاب الأطفال ، وكان في الواقع الطبيب الجراح الوحيد في مستشفى جونز هوبكنز...!!
أظهر "بن" براعة عالية في إجراء العمليات حصل بسببها على عدة ترقيات متتالية في عمله...!!
وهو أول من طبيب جراح في العالم يقوم بفصل التوأم السيامي الملتصق بالرأس ، وقد ألف أكثر من (90) مؤلفا طبيا...!!
وعام 2009م منح " بن " الميدالية الرئاسية وهي أعلى تكريم تمنحه الحكومة الأمريكية إلى المدنيين...!!
أخيرا...
إذا كانت أم مكافحة بسيطة لم تحصل إلا شهادة الصف الثالث الإبتدائي ، وعت وأدركت أن القراءة سوف تؤثر بهذا الشكل المثير للدهشة في مسيرة علمية بأكملها لطفلها الفقير ، فهل نعي وندرك نحن كأباء وأمهات ومربين ومجتمع أهمية القراءة في حياة أبنائنا...!!
ياليتنا نعي خطورة الأجهزة التي بين يديهم ولكل أم وأب ..قس هل الجوال والآي باد والتلفاز دفعت مسيرة ذكائهم وتفوقهم إلى الأمام...وهل ابناؤنا لايصل مستوى حبناواهتمامنا بهم إلى تفريغ ساعه في اليوم للرفع من مستوى قدراتهم وتوجيه هواياتهم المثمرة...