قال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ---} (البقرة 30) والله سبحانه اصطفى آدم كمجموعة بشرية، ليؤهلها للخلافة، مما اقتضى تزويد هذه المجموعة بما يميزها عن غيرها من المخلوقات، ولذلك قال {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر 29) أي بموجب نفخة الروح أصبح البشر إنساناً مؤهلاً للخلافة.
ونفحة الروح هي أوامر رب العالمين وهي المعرفة والتشريع اللذين لا وجود موضوعي لهما خارج الإنسان، وبناءً عليهما حمل الإنسان الأمانة، أي حرية الاختيار، بين الخير والشر، وهذا هو مفهوم العبادة، ولذلك قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56) فالعبادة هي ممارسة حريتك في الطاعة والمعصية بما في ذلك من مسؤولية ستواجه تبعاتها في اليوم الآخر، فالله أرشد الإنسان تراكمياً بخطوط عريضة للقيم والأخلاق، واحترم إرادته وترك له تفعيل برامج التقوى أو الفجور في نفسه {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (الشمس 7 – 8) على أن يلقى جزاء أفعاله {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس 9 – 10)
والتقوى لا تتم إلا بالعمل الصالح {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (البقرة 2 – 3) فالصلاة علاقة شاقولية مع الله والإنفاق علاقة أفقية مع عباده، وكل علاقة مع الناس يسيطر عليها الخير تكون في إطار تزكية النفس، والعكس صحيح.
....
https://www.facebook.com/Dr.Mohammad.Shahrour/?hc_ref=ARScF0EKQRNCWKRqw6le34J4yKuZGKhC_p2XQbYOxQtQZiyiQWV503jrMws7FETsydM&fref=nf