فرق كبير بين «الاختلاط» و«الخلوة».. «إلاّ عندنا»!

قبل 9 سنوات

جدة، تحقيق - منى الحيدري

منذ أن استخدم بعض فقهاء الساحة المحلية مصطلح "الاختلاط" والمجتمع السعودي يعيش حالة من التوجس حيال أي مناسبة تجمع الجنسين، وقد بدا ذلك واضحاً في كثير من اللقاءات والمؤتمرات والمعارض بأشكال ومظاهر مختلفة ومتفاوتة؛ إذ ظهرت نماذج اجتماعية متشددة ترى في أي تجمع جماهيري اختلاطاً يجب أن يُنكر ويُمنع، ولو بالقوة الجبرية، فيعج بعضها بمواقف فوضوية نقلت للآخرين -تحديداً خارج المملكة- صورةً غير حضارية، ومشهداً متأزماً للواقع الاجتماعي المحلي، خصوصاً وأنّ الاختلاط حدث طبيعي، وأمر من واقع الفطرة الإنسانية؛ إذ لا بد من وجود الجنسين وباحترام وحشمة في مناحي الحياة اليومية المختلفة، حتى تتحقق معها المصالح العامة للمجتمع وأفراده، ففي زمن الصحابة والتابعين كانت المرأة تعمل في الأسواق، والحسبة، وتحارب، وتمرّض، وتعالج، وتفتي، وتناقش، وتحضر الشعائر الدينية، ولم يمنعها ما يسمونه اليوم اختلاطاً.

والواقع يقول إنّه مع ظهور موجة التشدد في العقود الثلاثة الأخيرة اختلط على الناس أمر الخلوة مع الاختلاط، فكلّ لقاء لأحد الجنسين مع الآخر في الأماكن العامة هو نوع من أنواع الاختلاط المباح، وإذا فسّرناه بهذا المعنى الواسع إذا أمكن اجتنابه لشخص أو شخصين، فهو بالتأكيد متعسّر بالنسبة للمجتمع عموماً؛ لأنّ الإنسان يعيش عادة في مجتمع مختلط، ولأفراده حاجات متبادلة يصعُب معها فرض عُزلة الرجال عن النساء بشكل كامل، بل نجد الاختلاط موجوداً حتّى في بعض الأمور الشرعيّة الأساسيّة، فيما الخلوة هي اجتماع ذكر وأنثى لا تربطهم علاقة في مكان بعيد عن الأنظار، يسهل فيه وقوع محرم، وهذا يتعارض مع الاختلاط الذي هو تعايش طبيعي بين الناس في الشارع، والسوق، وأماكن كسب الرزق، وعلى الرغم من ذلك إلاّ أنّ هناك من رأى أنّ اختلاط المرأة بالرجل في العمل بشكل دائم يسقط الحواجز بينهما، ويتقلص التكليف والاحتشام شيئاً فشيئاً، حتى يقعا فيما نهى الله عنه، محرمين بذلك كل ما يمكن أن يجمع الرجل بالمرأة ولو أمنا الوقوع في الحرام.

مفاهيم سائدة

اعتبرت "دلال عزيز ضياء" - إعلامية - أنّ المشكلة الحقيقة تكمن في نظرة المجتمع لمفهوم الخلوة، فالمرأة التي تعمل في جهة يعمل بها نساء ورجال لا يمكن إدراج عملها ضمن مفهوم الخلوة، والتي لها شروطها الشرعية وأوضحها الدين الإسلامي، وأوجب أن تتجنبها المرأة، كأن تكون في مكان يثير اللغط حولها، أو أن يكون مثاراً للظن والاتهام من قبل البعض، ولكن في العموم أنّ العمل في البيئات المختلطة -كالمستشفيات - لا تنطبق عليه شروط الخلوة الشرعية، مضيفةً: "على المجتمع مسؤولية تصحيح الفكر بين مفهوم الخلوة والاختلاط، ونحن كمجتمع مسلم له عاداته وتقاليده ومفاهيمه نرفض أن تنطبق الخلوة الشرعية بشروطها ولا يمكن أن نعمم هذه الصورة على ما يحدث في بيئة العمل المختلطة"، مؤكّدةً أنّ المرأة تعمل وفق المفاهيم السائدة في المجتمع.

نظام حماية

ورأت "د. أميرة كشغري" - كاتبة - أنّ أهم نقطة في الموضوع أن يتم التفريق بين الاختلاط والخلوة، حيث كان الناس يجزمون على أنّ الاختلاط محرم، معتبرةً - حسب رأيها - أنّه غير صحيح؛ لذلك أصبحت مشاهدة المرأة والرجل في مكان عام ينظر له بريبة، وتثور غيرة الناس، ويفرضون الكثير من التصرفات الهجومية عليهم، سواء بالكلام أو بالتصرفات، وكلما أعطيت المرأة فرصا أكبر للعمل في الأماكن العامة أعطى هذا انطباعاً أكبر لدى المجتمع أن وجوده أمر طبيعي، وتقل الريبة والشك، ويحسن التعامل معها بثقة في المؤسسات الحكومية أو الأسواق، لافتةً إلى أنّه يفترض أن تكون هناك مجالات عمل تسمح للمرأة أن تمارس نشاطها فيها، وهذا سيسهل تغير النظرة لهذه العلاقة، شريطة أن توفر الحماية للمرأة بعدم التعدي عليها والاستمرار في هذا التوجه، حتى في ظل وجود محاولات الرفض من البعض أو عقبات؛ لأننا بحاجة لفترة من الوقت لتتغير نظرة الناس للمرأة.

وأضافت أنّ الأنظمة والقوانين عليها مسؤولية كبيرة في تغيير نظرة المجتمع تجاه مفهوم الخلوة والاختلاط، فكلما كان هناك قانون يحمي الناس من بعضها ويحمي تواجدها في الأماكن العامة كلما كان هناك تعزيز لتغير الثقافة، مؤكّدةً أنّ دور المرأة هو الأهم، بأن تتصرف بكل مهنية في مواضع الاختلاط وتثبت أنّها تتعامل بمهنية، حتى لا تعزز الصورة المبهمة السلبية عنها، لافتةً إلى أنّ المرأة ما زالت في بداية المشوار، ولم تتخلص من النظرات السلبية التي تضعها في دائرة الاتهام.

احتراف مهني

ولفتت "حنان الزهراني" - مدير شؤون الموظفين بعيادة المجمع الطبي بجدة - إلى أنّ نظرة المجتمع تغيرت حول مفهوم الاختلاط بالنسبة لبيئة العمل، حيث أصبحت كلمة لها مفهوم آخر في نظر معظم الناس من المعتدلين في التفكير، منوهةً بأنّ بيئة العمل الصحية تحتاج لسن قوانين، سواءً من مكتب العمل أو من جهات العمل، وإلاّ ستقع المشاكل والاحتكاكات السلبية بين زملاء المهنة، حتى وإن كانت الفتاة ملتزمة بأصول العمل باحتراف وقواعد الأدب العامة، فإذا لم يكن هناك قوانين مطبقة لتنظيم العمل المختلط ولو بشكل صوري فستحدث التبعات التي لا يكاد يخلو منها مكان أي بيئة عمل، مضيفةً: "لا بد من تطبيق مبدأ الالتزام بالاحتراف المهني، وأنّي هنا لست امرأة، بل موظفة أؤدي مهام عملي كأي موظف آخر بغض النظر عن جنسه".

كلاهما محرم!

وبيّن "د. خالد بن عبدالله الشمراني" - الأستاذ المشارك في كلية الدراسات القضائية بجامعة أم القرى - أنّ هناك فرقا بين الخلوة والاختلاط، ولكن كلاهما منكر، وقد ورد في الخلوة نص قوله - عليه الصلاة والسلام -: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ مع ذي محرم"، وقوله: "لا يخلو رجل بامرأة إلاّ وكان الشيطان ثالثهما"، بمعنى أنّ المرأة تكون مع الرجل في مكان مغلق لا يطلع عليهم أحداً، وهذه خلوة محرمة ومعصية، لافتاً إلى أنّ الاختلاط يعني أن تعمل المرأة بجانب الرجل بشكل دائم؛ مما يسقط الحواجز بينهما، فيسهل ولوج الشيطان إلى تحقيق مآربه من الفساد، وهو معصية؛ لأنّه يوقع فيما حرم الله - عز وجل -.

وقال إنّ الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر أو يحدثون لغطاً وتشويشاً يقولون إنّ النصوص إنما وردت في الخلوة، ولم يرد في الاختلاط شيء، موضحاً أنّ هذا ليس بصحيح، حيث أنّ اختلاط المرأة بالرجل في العمل بشكل دائم يسقط الحواجز بينهما، كما أنّ التكليف والاحتشام قد يسقط من المرأة، وبات من الطبيعي أن نشاهد الرجال والنساء الذين يعملون في أماكن العمل المختلطة يتمازحون بشكل لا يقره دين، وهذا يعتبر مقدمة من مقدمات الوقوع في الحرام.

وأضاف أنّ كون وجود بيئة عمل مختلطة أمرا متطلبا، فذلك يعني أنّه بمثابة انحراف الواقع، متسائلاً: لماذا لا نحاول أن نوجد بيئة عمل آمنة للمرأة بشكل لا يجرح حياءها ولا يوقعها في المحظور الشرعي؟، فهذا الأمر لا ينبغي الاستسلام له، ولدينا نماذج مشرفة في قطاع التعليم النسائي والذي يندر وجود جرائم تحرش فيه أو اغتصاب، مبيّناً أنّه اطلع على تقارير أجنبية عن الاختلاط ذكرت إحصاءات مخيفة عن ما يحدثه من جرائم الزنا والتحرش بنسب مفزعة، لافتاً إلى أنّ ميل الرجل للمرأة من الأمور الطبيعية، والإسلام هذب هذه العلاقة، وجعلها في إطار العلاقة الزوجية أو في إطار الحاجة والضرورة، بمعنى أن تكون المرأة بحجابها الكامل والرجل يتعامل معها عن بعد.
....
....
لمتباعة قراءة العمود يرجى الذهاب الى الرابط

مشكورين

http://www.alriyadh.com/984844

فرق كبير بين «الاختلاط» و«الخلوة».. «إلاّ عندنا»!
عندك أي منتج؟
الكل: 9

كلام جميل في منتهى الروعه أين أصحاب العقول المتحجره من هذا المنطق الجميل

عضو قديم رقم 346131
قبل 9 سنوات و6 أشهر
3

بدينا نقسم قصيمي وجنوبي ووو
عيب عليك

بدون عنصريه وقبليه لأن كدا عيب نحن نناقش موضوع محدد وهو انه في فرق بين الاختلاط والخلوه و الفرق بينهم كبير

هذا نقاش راقي

دمتم متميزين بالعقل و التدين الحسن

بقلم: mohammedn22

ما شاء الله تعرف العيب، ممتاز،، طيب ايش بالنسبة للعقول المتحجرة في ردك الأول، ولا هذا من تبعات نقاشك الراقي.
كل ردودك فيها تحامل وعداء على رجال الدين أو على أي فكرة لها علاقة بالدين، ليتك تختلف مع الفكرة وتناقشها بشكل علمي وبالحجج، ولكن مباشرة تتساقط القاذورات من لسانك الذي يحتاج إلى تهذيب وتأديب مثل قولك العقول المتحجرة، المتخلفين، أصحاب الأفكار الهدامة ووو.

لم ينكر أحد بوجود الاختلاف بين الاختلاط والخلوة ولكن يا عزيزي ومع كل الاحترام لما كتبت منى الحيدري، وكما يقال التجربة خير برهان، تعال قابل أناس اشتغلوا وعملوا في بيئات عمل مختلطة واسمع لما يقولون وإلى أين وصلت العلاقة بينهم وبين زميلاتهم في العمل، أنا بالنسبة لي مستحيل أن أرضى على أحد محارمي أن تعمل في بيئة عمل مشابهة، ولو كان لي سلطة لمنعتها على العموم، وإذا كان هذا ما تريده لنفسك ومن معك فهنيئاً لك.

وتقبلوا مروري

الموضوع شائك ..
ولكي يتم فعلاً التفريق الصحيح بين الكلمتين ( الاختلاط و الخلوة ) يجب علينا ترقية عقولنا لاستيعات ذلك .. !!
ف إن ما تمكن الشاب والفتاة من ادراك ( تعاليم دينهم ) بشكل كامل
ف سوف يخرجون من عقدة الاختلاط والخلوة ..
ولكن بما إننا نعاني من ( نقطة ) ضعف واضحة وصريحة في هذا الجزء .. ف سوف نجني ثمارها

صحيح اغلب من اعرفهم ويعملون في بيئة عمل مختلطة .. دائماً ما يشتكون من سوء هذه البيئة .. ومن وجهة نظري السبب نحن ..
ف تركنا البيئة في يد ( بعضهن ) لكي تختلي بها .. ف تبرز ماتريد من امكانيات ساقطة
فلو ان بيئة العمل اختلطت بها ( القيمات ) من البنات مع (قلة) من هؤلاء
ف سوف يتغير الميزان .. وتُلفظ السيئة من بينهن ..
مثلما يحدث في مدارس البنات مثلاً ..

لذلك من الصعب جداً إعادة وزن العيار اليوم .. وقد تم السيطرة تامة عليه من قبل بعضهن ..
والله اعلم

أضف رداً جديداً..