الصحابة رضي الله عنهم كانوا أمة واحدة عقيدة وسياسة حتى إذا كانت خلافة عثمان رضي الله عنه بدرت بوادر الاختلاف في السياسة دون العقيدة، فلما قتل وبايع عليًا جماعة وبايع معاوية آخرون رضي الله عنهم وكان ما بينهم من حروب سياسية خرجت عليهم طائفة فسميت: الخوارج، ولم يختلفوا مع المسلمين في أصول الإيمان الستة ولا في الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام؛ وإنما اختلفوا معهم في عقد الخلافة والتكفير بكبائر الذنوب والمسح على الرجلين في الوضوء وأمثال ذلك، ثم غلت طائفة من أصحاب علي رضي الله عنه فيه حتى عبده منهم من عبده فسموا الشيعة، ثم افترق كل من الخوارج والشيعة فرقًا، ثم أنكر جماعة القدر، وكان ذلك آخر عصر الصحابة رضي الله عنهم فسموا القدرية، ثم كان الجعد بن درهم؛ فكان أول من أنكر صفات الله وتأول ما جاء فيها من نصوص الآيات والأحاديث على غير معانيها، فقتله خالد القسري، وتبعه في إنكار ذلك وتأويله تلميذه الجهم بن صفوان، واشتهر بذلك فنسبت إليه هذه المقالة الشنيعة، وعرف من قالوا بها بالجهمية، ثم ظهرت المعتزلة فتبعوا الجهمية في تأويل نصوص الصفات وسموه تنزيهًا، وتبعوا القدرية في إنكار القدر وسموه عَدْلاً، وتبعوا الخوارج في الخروج على الولاة وسموه الأمر بالمعروف إلى غير ذلك من مقالاتهم، وقد نشأ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري على مذهبهم واعتقد مبادئهم، ثم هداه الله إلى الحق فتاب من الاعتزال ولزم طريق أهل السنة والجماعة، واجتهد في الرد على من خالفهم في أصول الإسلام رحمه الله، لكن بقيت فيه شوائب من مذهب المعتزلة كتأويل نصوص صفات الأفعال وتأثر بقول جهم بن صفوان في أفعال العباد، فقال بالجبر وسماه: كسبًا، وأمور أخرى تتبين لمن قرأ كتابه [الإبانة] الذي ألفه آخر حياته، كما يتبين مما كتبه عنه أصحابه الذين هم أعرف به من غيرهم وما كتبه عنه ابن تيمية في مؤلفاته، رحمهم الله. مما تقدم يتبين أن أهل السنة والجماعة حقًا هم الذين اعتصموا بكتاب الله تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في عقائدهم وسائر أصول دينهم، ولم يعارضوا نصوصهما بالعقل أو الهوى، وتمسكوا بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من دعائم الإيمان وأركان الإسلام فكانوا أئمة الهدى ومنار الحق ودعاة الخير والفلاح؛ كالحسن البصري وسعيد بن المسيب ومجاهد وأبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق والبخاري ومن سلك سبيلهم والتزموا نهجهم عقيدة واستدلالاً . منقول . ---- الإستطاعة ممكنة ليكون المسلمون من أندونيسيا إلى المغرب ومن شمال البوسنة إلى بحر العرب وما والاه ؛ أمة واحدةً كما كان المسلمون في عهد أبي بكر وعمر وفي عهد عثمان قبل مقتله على أيدي المتظاهرين . إعادة الحق ومعالمه بين الناس كائن - بإذن الله - تحت قيادة العلماء الربانيين في بلاد التوحيد والأمراء الصالحين من أولاد المجدد الملك عبدالعزيز وكما نجحوا في نشر الحق وإعلائه في عصرنا بالجزيرة فإنهم موفقون في إذلال الباطل وقهره حتى التنعم بالإسلام نقياً صافياً في سائر البلدان والمناطق بإذن الله تعالى .