لم يكن التسلل إلى مكة بالأمر اليسير، فقد عرف التاريخ مستشرقين ارتدوا الإسلام بأسماء عربية للتسلل إلى مكة، ومراقبة الحج عن قرب، وكتابة رسائل من منطلقات مختلفة، فمنهم من يبحث عن سدّ نهم الأسئلة، ومنهم من كان يرصد تحركات الحجاج القادمين من مناطق الصراع لأسباب سياسية واجتماعية بحتة. في مستهل القرن التاسع عشر انتحل الرحالة «دومنيكو باديا ليبليج» اسم «علي بك العباسي»، قادماً من أوروبا من منطلقات سياسية ودينية، وتشير مصادر أخرى إلى أنه فر إلى مكة كي ينجو بدينه من محاكم التفتيش في تلكم الحقبة التاريخية.
تسلل المستشرق الهولندي «سنوك» إلى مكة، لكتابة رسالة دكتوراة عن الحج لخدمة بلاده في وضع استراتجيات في إندونيسيا إبان الفترة الاستعمارية آنذاك. فيما أن المستشرق الإيطالي «لودفيجودي فارتيما» انتحل اسم يونس المصري في عام 1503م ليدخل إلى مكة مدعياً أنه جندي في عصر المماليك، ليرصد الحياة المدنية وطبيعة المسلمين في الحج وتنوع أعراقهم. بينما الرحالة السويسري «جون لويس بيركهارت» استطاع أن يمرر على المسلمين في القرن التاسع عشر أنه شيخ يدعى «إبراهيم»، إذ التقى بالخديوي علي باشا.
كما أن الرحالة البريطاني «ريتشارد فرنسيس» قدم إلى الحج منتحلاً اسم «عبدالله»، في منتصف القرن التاسع عشر كي يدرس السلوكيات للحجيج والثقافة السائدة بين المسلمين، وطريقة تنقلهم بين المشاعر المقدسة. وأشارت مصادر مختلفة إلى أن الرحالة البريطاني «بيرتون» رصد الحركة العمرانية في مكة المكرمة تحت اسم «نبيل فارسي» ممثلاً دور درويش متجول. وفي أواخر القرن التاسع عشر، اكتشف المكيون وجود رحالة فرنسي يدعى «جيل جرفيه كورتلمون» منتحلاً اسم «عبدالله بن البشير»، إذ درس سلوكيات الحجيج المغاربة القادمين من أراض تستعمرها فرنسا، وأصدره في كتابه «رحلتي إلى مكة».
...
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160907/Con20160907856526.htm