أحمد بن عيد الحوت
إنه من الإنصاف أن نقول إن حكومتنا الرشيدة قد بذلت المبالغ الطائلة لإنشاء شبكة من الطرق البرية التي تربط بلادنا الحبيبة رغم وعورة مسالكها، وتباعد أطرافها، وتطرف أجوائها، وقد عزز ذلك الإنجاز المشهود إنشاء شبكة من القطارات بدأت بشائرها تتضح للعيان، في شمال المملكة، ووسطها، وشرقها، وغربها.
ولكن الذي يشوه مثل هذه الإنجازات الرائعة تعثر بعض مشاريع الطرق لسنوات عديدة، ومن هذه المشاريع المتعثرة طريق الطائف الباحة، الذي مرت السنون يتبع بعضها بعضًا، وتمتطي الأيام صهوة الأيام، وتنقضي الأوقات والدهور، وهذا الطريق مقطع الأوصال، لا يلفت نظر العابر فيه إلا كثرة المصدات الخرسانية، وخيط رفيع من شرائط البلاستيك يرفرف بين الذاهب والآتي، ومطبات صناعية تتراقص على حدباتها سيارات المسافرين.
وقد حدثني والدي - رحمه الله - قبل عدد من السنين أنه تم البدء في جعل هذا الطريق مزدوجًا، بعد أن قضى على أعداد كبيرة من أهالي الباحة والطائف، وعدد من المصطافين، وكنت أرى البهجة في وجه والدي - رحمه الله - حين بدأ هذا المشروع في عهد الملك فهد - رحمه الله - لكن والدي مات، ومعه ماتت أحلامه، ثم حملت هذه الأمنية، وكلما مررت بهذا الطريق تذكرت والدي وأمنياته، لكن يعود بي واقعي فأشاهد هذا الطريق كما كان ، لا جديد، إلا المزيد من التحويلات، ولوحات التحذير، وتجديد المطبات الصناعية التي اهترأت تحت وطأة عجلات السيارات العابرة بكثرة طوال اليوم، ثم حدثت ولدي أن أبي قد استبشر برؤية هذا الطريق مزدوجًا، ولكنه لم يسعد بمشاهدته بعد سنين الانتظار، وها أنا أنتظر اكتماله، ولكنها أمنية صعب الحصول عليها، عزيزة المنال، إذا سار الأمر على ما هو عليه من الإهمال، لأنني لم أشاهد سوى آلات نائمة على أكتاف هذا الطريق العتيق، وقليل من العمال الضجرون يرقبون العربات العابرة ذهابًا وإيابًا، فأوصيت ولدي أن يبشر ولده بأن هذا الطريق سوف يكتمل في يوم ما، وربما يستغرق من الوقت مثل الذي استغرقه بناء سور الصين العظيم.
والذي يدعو للعجب أن هذا الطريق لم يكن طريقًا مستحدثًا، إنما هو توسعة لطريق قائم، مع تعديل بعض المنعطفات الحرجة، وقد تهالك الطريق القديم قبل تنفيذ التوسعة، وكنت أتمنى لو كتب على بعض اللوحات الإرشادية بهذا الطريق عبارة "ما أضيق الطريق لولا فسحة الأملِ".
كما أوصيت ولدي أن يوصي ولده بأن يقول لأحفاده حدثني أبي عن أبيه عن جده أنه قال إن هذا الطريق سوف يصبح يومًا ما طريقًا مزدوجًا.
https://www.youtube.com/watch?v=WmSLnBeagNo&feature=youtube_gdata_player
يعطيك العافية يااخوي ابومحمد على القصيدة وللاسف هذه الحقيقة المره
ابوسالم