أخواتي فى الله:
لكل مُخطئٍ شَمَّاعةٌ يُعَلِّق عليها أخطاءه
ما أرخصَ هذه الشَمَّاعة عنده!
وما أسهل ذكرها على لسانه!
أتدرين ما هى هذه الشَمَّاعة؟!
إنها شَمَّاعةٌ لا تُباع فى الأسواق ولا تُشْتَرَى بمال.
إنها النِّيَـــة.
إذا دعوتِ مَن لاتُصَلِّى إلى الصلاة، قالت لكِ: "إنما الأعمال بالنيات". أنا لا أصلى، لكنِّى أفضل من فلانةٍ التي تُحافظ على الصلاة. هى تكذب وتفعل من المعاصي كذا وكذا، وأنا لاأفعل ذلك.
أنا أفعل كل أعمال الخير من صيامٍ وحَجٍّ وصدقةٍ وغيرها، لكنِّى لاأصلي. ويكفى أنَّ قلبي سليمٌ ليس فيه حِقدٌ على أحد . ويكفى أنَّ نيتى سليمة.
وإذا دعوتِ متبرجةً للبس الحِجاب الشرعى قالت لكِ : يكفى أن قلبي أبيض ، أهم شئ النية ، وأنا نيتى طيبة . "واللى يظهر مِنى زكاة عَنى" . فلا حول ولاقوة بالله .
هذه جعلت التبرج وكشف العورة زكاة ، والله جَلَّ وعلا أخبر أن الزكاة تطهيرٌ للمسلم فقال تعالى لنبيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )) التوبة/103 .
وإذا نصحتِ سارقةً بعدم السرقة ودعوتيها للتوبة ، قالت لكِ : انظر لنيتي ، أنا نيتي سليمة . إذا كنتُ أسرق من الفقيرة فأنا فِعلاً سارقة وأتفق معك فى ذلك ، لكنِّي أسرقُ من الغنيَّة لأعطى الفقيرة ، أو أنا أسرقُ من سارقة ، والسارق ُمن سارق ليس بسارق .... فلسفــة .
وإذا دعوتَ شخصاً لإعفاء لحيته ولبس الزِّى الإسلامي ( الجلابية ) ، قال لك : أهم شئ النية ، أنا قلبى أبيض زىّ الفُل . أما اللحية والجلابية فهذا ليس مظهراً للإسلام ، ويُخبرك بحديث النبى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ، ولكنْ ينظر إلىقلوبكم )) رواه مسلم . أرأيت أنَّ أهم شئ هو القلب ؟!!! وينسى أنَّ للحديث بَقِيَّةوهى : (( وأعمالكم )) .. ولم يعلم هذا المِسكين أنَّ العمل قد يكون سبباً فى دخوله النار ، مع هذا الفهم الخاطئ لهذا الحديث .
وإذا نَصحتَ المُغتابين بعدم التحدث فى أعراض الناس وعدم أكل لحومهم ، قالوا لك : نحن نذكرهم بالخير ، أو نحن نُحَذّر الناسَ من شَرِّهم . فانظر لنيتنا قبل أن تحكمَ علينا ، وسترى أنها سليمة، وأنه ليس فى قلوبنا شئ ناحية هؤلاء الأشخاص الذين نذكرهم .
وهكذا تجد كل مَن يعصى الله تعالى ، يُبَرِّر المعصية بالنية ، ويستدل بحديث النبى صلَّىاللهُ عليه وسلَّم: (( إنما الأعمال بالنيات )) ، ويُرَكِّز دائماً على النية والقلب ... والحقيقة أنَّ صلاح القلوب لا يكون إلا بصلاح الأعمال ، والعكس ، فصلاح الأعمال لا يكون إلا بصلاح القلوب .
لَكِنِّي أضعُ آيةً قرآنيةً أمام هؤلاء العُصَاة حتى يذكروها دائماً فيرجعوا عن معاصيهم ...
إنها هذه الآية : (( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءوفٌ بِالعِبَادِ )) آل عمران