قصيدة ابن رجب من رسالته ذم قسوة القلب أفِـي دَارِ الخَـرَابِ تَظـلُّ تَبنِـي * * * وتَعمُـرُ مـَا لِعمـرَانٍ خُلِقـتَا وَمَا تَركَـتْ لَكَ الأَيَّـامُ عُـذرًا * * * لَقَـد وَعَظَتـكَ لَكِنْ مَا اتَّعَظتَا تُنَـادِي للـرَّحِيـلِ بِكُـلِّ حِينٍ * * * وَتُعلِـنُ إنَّمَـا المَقصُـودُ أنْـتَا وتُسمِعُـكَ النِّـدَاءَ وأنـتَ لاَهٍ * * * عَنِ الدَّاعِي كأنَّـكَ مـَا سَمِعتَا وتَعلَــمُ أنَّـهُ سَفـَرٌ بَعِيـدٌ * * * وعَن إِعـدَادِ زَادٍ قَـد غَفَلـتَا تَنَـامُ وَطـالِـبُ الأيَّـامِ سَـاعٍ * * * ورَاءكَ لاَ يَنَـامُ فَكيـفَ نِمـتَا مَعـائِـبُ هَـذِهِ الدُّنيَـا كَثِيـرٌ * * * وأنـتَ عَلَـى محبَّتِهَـا طُبِعـتَا يَضِيعُ العُمـرُ فِـي لَعِـبٍ وَلهـوٍ * * * وَ لَـو أُعطِيـتَ عَقلاً مَا لَعِبتَا فمَا بَعدَ الممَـاتِ سِـوَى جَحِيـمٍ * * * لِعـاصٍ أو نَعِيــمٍ إِن أَطعـتَا ولسـت بـآملٍ ردًّا لِـدُنيَـا * * * فَتعملُ صَالِحًا فِيمَـا تَـركـتَا وأوَّلُ مَـن ألُـومُ اليَـومَ نفسِـي * * * فَقَـد فَعَلـتْ نَظَائـِرَ مَا فَعلتَا أيَـا نفسِي َ أَخـوضًا فِي المَعاصِي * * * وَبعـدَ الأربَعِيـنَ وغِـبَّ سِتَّا وَأرجُو أَن يَطُولَ العُمـرُحَتَّـى * * * أَرى زَادَ الـرَّحِيـلِ وقَـد تأتَّى أيَا غُصنَ الشَّذَاء تَمِيـلُ زَهـوًا * * * كأنَّكَ قَد مَضَى زَمـنٌ وعِشـتَا عَلِمـتَ فَدَعْ سَبِيلَ الجَهلِ واحذَرْ * * * وَصيحِّة قَد عَلِمتَ ومَـا عَمِلْـتَا وَيَا مَن يَجمعُ الأَمـواَلَ قُلْ لِـي * * * أَيَمنَعُكَ الرَّدَى مَا قَـد جَمَعـتَا وَيَـا مَـن يَبتَغِي أَمـرًا مُطَاعًـا * * * فيُسمَعُ نَافـِذٌ مَـن قـَد أَمَـرتَا أَجَجْـتَ إلَـى الـوِلاَيَةِ لاَ تُبَالِي * * * أَجِـرْتَ عَلَـى البرِيَّةِ أَم عدَلتَا ألاَ تَـدرِي بأنَّـكَ يَـومَ صَارَتْ * * * إِلَيـكَ بِغَيـرِ سِكِّيـنٍ ذُبِحـتَا ولَيـسَ يَقُومُ فَرحةُ قَد تَـولَّـى * * * بِتَرحةِ يَومَ تَسمعُ قـَد عُـزِلـتَا وَلاَ تُهمِـلْ فَـإنَّ الوَقتَ يَسـرِي * * * فإنْ لَم تَغتَنِمْـهُ فَقَـد أَضَعـتَا تـَرَى الأيـَّامَ تُبلِـي كُلَّ غُصنٍ * * * وَتَطـوِي مِـن سُرُورِكَ مَا نَشَرْتَا وَتَعلَـمُ إنَّمَـا الـدُّنيَـا مَنـامٌ * * * فَأحلَـى مَا تَكُـونُ إذَا انتبَهـتَا فَكَيفَ تصدُّ عَن تَحصِيـلِ بَـاقٍ * * * وَبِالفَانِـي وزُخـرُفـِهِ شُغِلـتَا هِيَ الدُّنيَـا إذَا سَـرَّتـكَ يَـومًا * * * تسُـوءُكَ ضِعـفَ مَا فِيهَا سُرِرتَا تَغُـرُّكَ كـالسَّرابِ فأنتَ تَسرِي * * * إليـهِ ولَـيسَ تَشعُـرُ إن غُرِرتَا وَأشهـدُ كَـم أبادَت مِن حَبِيبٍ * * * كـأنَّكَ آمٍـنٌ مِمَّـنْ شَهِـدتَا وَتدْفِنُهُـم وَتـرجِعُ ذَا سُـرُورٍ * * * بِمَـا قـَد نِلتَ مِن إِرثٍ وَحَرتا وتَنسَاهُم وأنـتَ غَـدًا سَتَفنَـى * * * كـأنَّكَ مـَا خُلِقـتَ ولاَ وُجِدتَا تُحدِّثُ عَنهُم وَتقُولُـوا كَـانُـوا * * * نَعـمْ كَانُوا كَمـاَ واللهِ كُنـتَـا حَدِيثُك هم وأنتَ غدًا حَـدِيثٌ * * * لِغَيـرِهِم فَأحسِـن مَا استطَعـتَا يَعُودُ المـرءُ بَعدَ المـوتِ ذِكـرًا * * * فَكُن حَسَن الحَدِيـثِ إذَا ذُكِـرتَا سـلِ الأيَـامَ عَـن عَمْ وخالٍ * * * وَمَالَكَ والسُّـؤالُ وقَـد عَلِمـتَا ألَسـتَ تَـرى دِيـارهُم خَواءً * * * فَقَـد أنكَرت منهَا مَا عـرَفـتا