مع بداية عام جديد، حين يأخذ كل طالب خريج مكانه الجديد لتبدأ مرحلة عمرية ودراسية جديدة، تبقى فئة لا يعني لها العام الجديد شيئا، فقد سقطت أسماؤهم من قائمة المقبولين في الجامعات.
الكل يستيقظ صباحا ما عدا هم، ينهضون صباحا ليس لأجل السير نحو مقاعدهم، بل من أجل البحث عن مكان آخر بعد أن رفضتهم الجامعات، منهم من يسعى للبحث عن وظيفة في قطاع خاص، واختصار حياته، ومنهم من يفتش عن معاهد أخرى تمنحه الدبلوم، وآخرون يلتحقون بالمعاهد الخاصة للغة الإنجليزية، يمضي فيها أيامه إلى أن تحل سنة جديدة ويبدأ مشوارا جديدا في القبول الجامعي، ومنهم من يكتب له إحباطه أن يعيش في دوامة البطالة سنين عديدة، ولا تنتهي إلا بوظيفة لا تحقق طموحه ولا أمنياته التي عاش عليها.
انتهت الثانوية العامة بمعاناتها وآلامها وسهرها وتوترها، ولكن لم تنته معاناة الخريج مع مستقبله الغامض، تبدأ معاناة أخرى تابعة شبيهة بتوابع الزلازل، إنها معاناة البحث عن مكان مناسب في جامعة مناسبة وفي تخصص يفضله الشاب.
البعض خطط لذلك منذ البداية والبعض تركها للظروف والمعدل والجميع داخل دائرة المعاناة، من خطط ومن لم يخطط، أعداد هائلة من مخرجات الثانوية العامة بأقسامها وبطلابها وطالباتها تتصارع على مقاعد محدودة في جامعات محدودة، لعبة شبيهة بلعبة الكراسي الموسيقية وأزمة لم تصنعها الظروف ولكن صنعتها عوامل عدة منها التخطيط الذي لم يضع في حسبانه تدفق هذا العدد الهائل من خريجي الثانوية كل عام ومنها الأفكار التي ربطت بين التعليم الجامعي وبين الوظيفة.
معدل منخفض
الطالب أحمد عبدالله العمري، تخرج في إحدى ثانويات جدة، ولكن معدله كان دون المستوى الذي كان يأمله هو وأسرته، المعدل الذي دائما ما كان يحلم به والذي سيقوده بيده إلى كبرى جامعات المملكة، أحلامه العريضة بالقعود على كرسي الجامعة ودخول قاعاتها حطمته النسبة المتدنية، قدم على العديد من الجامعات ولكن لم تقبله ضمن صفوفها.
يحكي العمري عن معاناته فيقول: «حصلت على كورس لغة إنجليزية في إحدى الدول الأوروبية خلال إجازة الصيف، سعياً مني لتطوير لغتي، علها تكون حلا لمشكلة المستوى المتندي وعدم القبول في الجامعة، وقد تكون منفذا للقبول في إحدى الشركات للعمل فيها واختصار ما لم تحققه الجامعة»، ويرى أن الحل في الوظيفة بعد أن يئس من القبول الجامعي، وطالب زملاءه من غير المقبولين الاتجاه نحو القطاعات العسكرية والمهنية التي تتيح لهم القبول.
استغلال الجامعات الخاصة
ريان علي الأسمري يؤكد بأن رفضهم من قبل الجامعات الحكومية يجعلهم فريسة الجامعات الأهلية التي تستغل ظرفهم وتطلب منهم مبالغ باهظة لقبولهم، وإكمال دراستهم بمقابل مادي، وهذا الذي ممكن أن توفره الجامعات الحكومية، بعد أن تزيد من طاقتها الاستيعابية، فالتعليم مطلب أساسي حتى لو لجأ الخريج بعد ذلك إلى العمل الحر، ولكن الشهادة سلاح والعلم مطلب مهم.
قال ريان ل«عكاظ»: «أتمنى من الجامعات أن تتيح مقاعد للطلاب ذوي النسب المنخفضة في تخصصات معينة لمساعدتهم على أن يقضوا وقت فراغهم الذي سيعانون منه بعد تعذر الجامعات عن قبولهم. فالجامعات الخاصة تستغل الطلاب من خلال الرسوم الباهضة الثمن»، مشيراً إلى أنه لن يركن للفراغ.
وبينت الطالبة نورة محمد أنه لم يحالفها الحظ بالقبول في جامعة الملك عبدالعزيز، مطالبة الجامعات بزيادة نسبة القبول كي تستوعب عددا أكبر من الطالبات والطلاب، وأنها ستبحث عن العمل في القطاع الخاص، وإكمال دراسة دبلوم اللغة الإنجليزية.
المعدل المرتفع مرفوض
من جهته، قال ياسر محمد إنه كان يحلم بالحصول على مقعد في جامعة جازان ولكن لم يحالفه الحظ رغم أن معدله «جيد جدا»، في الوقت الذي قبل فيه طالب آخر بمعدل أقل، معتبرا أن النسب الجيدة لا تشفع في بعض الأحيان، ويحكي عن قصته فيقول: «تقدمت لإحدى الكليات في جامعة جازان وكلي أمل في القبول، بل لامس أملي الثقة الكاملة، ولكن صدمت صدمة كبيرة عندما لم أجد اسمي ضمن الأسماء التي تم قبولها، توجهت للعمادة أسأل فلم أجد إجابة مقنعة، سوى من نصحني بالتقديم مرة أخرى خلال العام القادم» يضيف ياسر «أين سأتجه خلال هذا العام وكيف سأقضي عامي وأنا في المنزل، لم أذق طعم البطالة يوما، فقد مرت سنيني الماضية وأنا أدرس متنقلا من مرحلة إلى أخرى، وإذا قررت أن أقضي هذا العام في وظيفة موقتة، فسوق العمل في جازان لا يوفر لي وظيفة مناسبة في ظل شح الوظائف التي تعاني منها المنطقة، فأكرر سؤالي.. أين سأذهب؟».
أما محمد مرعي فقال: معدلي التراكمي 95% ومعدلي الفصلي 98%، وكنت أتمنى القبول بجامعة جازان في تخصص طب الجراحة أو طب الأسنان ولكن جرى قبولي في تخصص لا أرغب فيه، ما اضطرني للتقديم في إحدى الكليات المتخصصة.
من جهة ثانية، قال علي الكبش إنه لا يزال يعيش هاجسا مؤرقا منذ حصوله على الشهادة الثانوية وتخوفه من عدم قبوله في إحدى الجامعات، فقد بدأ هذا العام وأنا لم أوفق في أي جامعة تقدمت إليها، إذ تقدمت لثلاث جامعات كلها لم تقبلني، وفكرت بأن أتقدم للكليات التقنية ولكني لا أفضل العمل التقني والمهني، وهو ليس ضمن اهتماماتي، وأخشى أن أفشل فيه وتضيع أيامي وأنا أفتش عن الجامعة.
....
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160926/Con20160926859342.htm