تفسير اية من كاب الله
( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ( 27 ) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( 28 ) )
( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ) قِيلَ : إِنَّهَا وَلَدَتْهُ ، ثُمَّ حَمَلَتْهُ فِي الْحَالِ إِلَى قَوْمِهَا .
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : حَمَلَ يُوسُفُ النَّجَّارُ مَرْيَمَ وَابْنَهَا عِيسَى [ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ] إِلَى غَارٍ ، وَمَكَثَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى طَهُرَتْ مِنْ نِفَاسِهَا ثُمَّ حَمَلَتْهُ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ إِلَى قَوْمِهَا . فَكَلَّمَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ : يَا أُمَّاهُ أَبْشِرِي فَإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَمَسِيحُهُ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِهَا وَمَعَهَا الصَّبِيُّ بَكَوْا وَحَزِنُوا ، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ صَالِحِينَ ( ( قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) عَظِيمًا مُنْكَرًا ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : كُلُّ أَمْرٍ فَائِقٍ مِنْ عَجَبٍ أَوْ عَمَلٍ فَهُوَ فَرِيٌّ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمَرَ : " فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ " أَيْ : يَعْمَلُ عَمَلَهُ . ( يَا أُخْتَ هَارُونَ ) يُرِيدُ يَا شَبِيهَةَ هَارُونَ ، قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ : كَانَ هَارُونُ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ . رُوِيَ أَنَّهُ اتَّبَعَ جَنَازَتَهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا كُلُّهُمْ يُسَمَّى " هَارُونُ " مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سِوَى سَائِرِ النَّاسِ [ شَبَّهُوهَا بِهِ عَلَى ] مَعْنَى إِنَّا ظَنَنَّا أَنَّكِ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاحِ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأُخُوَّةَ فِي النَّسَبِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ " ( الإِسْرَاءِ : 27 ) أَيْ : أَشْبَاهَهُمْ .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ [ ص: 229 ] حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي ، فَقَالُوا : إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ : ( يَا أُخْتَ هَارُونَ ) وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا! فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : " إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ " .
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : كَانَ هَارُونُ أَخَا مَرْيَمَ مِنْ أَبِيهَا ، وَكَانَ أَمْثَلَ رَجُلٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَقَالَ السُّدِّيُّ : إِنَّمَا عَنَوْا بِهِ هَارُونَ أَخَا مُوسَى ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ : يَا أَخَا تَمِيمٍ .
وَقِيلَ : كَانَ هَارُونُ رَجُلًا فَاسِقًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيمَ الْفِسْقِ فَشَبَّهُوهَا بِهِ .
( مَا كَانَ أَبُوكِ ) عِمْرَانُ ( امْرَأَ سَوْءٍ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : زَانِيًا ، ( وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ ) حَنَّةُ ( بَغِيًّا ) أَيْ : زَانِيَةً ، فَمِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا الْوَلَدُ؟
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1048&idto=1048&bk_no=51&ID=1050