بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إخواني الأعزاء هذا تذكير وإرشاد بموضوع قرأته لعله ينفع أحدكم بإذن الله وخاصة لكثرة المواضيع المتعلقة به
الحمد لله القائل ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات : 10]
والصلاة والسلام على من وصفه الله في كتابه القويم ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم : 4] ..
صلى الله عليه وعلى آله الطيبيين وصحبه الغرّ الميامين وأزواجه أمهات المؤمنين ومن سار على هداهم إلى يوم الدين ..
المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ..
وإن العيب كل العيب المجاهرة بالخلق الذميم في وسط المسلمين بل وبين طلبة العلم أو أشباه طلبة العلم .. !!
عن مكحول عن واثلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ** لا تظهر الشماتة لأخيك , فيرحمه الله عز وجل ويبتليك } رواه الترمذي
الشماتة : الفرح ببلية العدو ..
وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ** : تعوذوا بالله من جهد البلاء , ودرك الشقاء , وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء }
استعاذ نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بالله جلَّ وعلا من شماتة الأعداء، لأن من شمت به عدوه يصطلي بنار الألم، ويتجرع مرارة الذل والانكسار، فكيف إذن إذا جاءت (الشماتة) من أخ لك في الإسلام، أو جار لك في السكن، أو زميل في العمل؟ لا شك أن الشعور بالألم يكون أكبر، والخطر المترتب على ذلك أعظم وأفدح، لذا كانت الشماتة من السلوكيات المحرمة في الإسلام لمنافاتها حسن الخلق والأخوة الإيمانية ..
والشماتة - وتعني الفرح ببلية الغير - خُلق يأباه الإسلام ويحذِّر منه ومن سوء عاقبته ، فمن خلق المؤمن أن يحب لإخوانه المؤمنين ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، انطلاقاً من الأخوة الإسلامية في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، فكما أنه لا يحب أن يشيع عن نفسه خبر سوء كذلك يجب عليه ألا يحب إشاعة السوء عن إخوانه المؤمنين، وإذا لم يكن كذلك فإن الله له بالمرصاد لقاء ما أظهر من الشماتة بأخيه المسلم فيكون الجزاء من جنس العمل، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: (لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك).
ذكر د. محمد بن يحيى النجيمي رئيس الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك)، وفي هذا الحديث ينهى صلى الله عليه وسلم أن يفرح المسلم بمصيبة أخيه، ويبين عقوبة ذلك في الدنيا بأن الله قد يشفيه ويبتليك، والمسلم الحق يتألم بما يتألم منه أخوه، ويفرح بما يفرح به،
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله اي المسلمين أفضل قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وعن ابي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، فالشماتة محرمة، وذنب يجب على المسلم أن يقلع عنه امتثالاً لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وليسود في المجتمع المسلم الحب، والأخوة، والتألم لما يصيب أخاه المسلم لا أن يشمت به.
يقول الشيخ عبد العزيز حنفي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة :
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، ولهذه الأخوة مقتضيات كثيرة تترتب عليها، لعل من أهمها تجنب الشماتة بالمسلم لأنها لا تصدر من قبل ملاءة الإيمان, والشماتة هي الفرح بمصيبة الآخرين، فهي تأخذ شكل المجاهرة والوضوح، ولذلك فهو يماثل ما يصدر من العدو تجاه المسلم في المصائب لأنه شعور ظاهر واضح بالفرح والغبطة تجاه ما أصاب أخوه المسلم.
والشماتة بلا شك خلق وضيع يدل على ضعف صاحبه، ولا ينم عن شجاعة أو رجاحة عقل واتزان، لأن ذلك الفرح الذي يظهره المرء يدل على خبث السريرة، ويتنافى مع ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك)،
وكذلك ما ورد في الحديث الصحيح الذي أعلنه الرسول - عليه الصلاة والسلام - في خطبة الوداع على رؤوس الأشهاد، وكان ذلك بمثابة التشريع في تأكيد حرمة المسلم، وتضمن الحديث عدة حدود وخطوط لا ينبغي تجاوزها، ومنها قوله (كل المسلم على المسلم حرام)، وهذا توجيه شامل يندرج تحته تحريم الشماتة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فهو لم ينه عن شيء إلا وبان شره، ولم يأمر بشيء إلا وبان خيره وفضله، لذلك فالشماتة لا يكتسب صاحبها من ورائها أي منفعة أو مصلحة بل يكون بها قد اقترف إثماً نهي عنه وأساء لإخوانه.
ويقول الشيخ حمد بن إبراهيم الحريقي الداعية بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم :
إن الشماتة ولا شك من الصفات الذميمة التي ربما ابتلى بها البعض، والشماتة جاء في تعريفها أنها الفرح ببلية العدو وهذا هو الأصل، وهي أيضاً تطلق على الفرح ببلية تنزل بكل إنسان تعاديه من المسلمين أو غيرهم، يقول القرطبي رحمه الله.. الشماتة: السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا.
وينبغي للمسلم العاقل أن ينزه نفسه عن الشماتة بأي أحد حتى وإن كان عدواً، وليحذر المسلم كل الحذر من الشماتة بأخيه المسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذي في جامعه: لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك، بل ربما والعياذ بالله امتدت شماتة الشامتين ليست للأحياء بل للأموات ولا يزال يشمت بهم ويعيرهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، فربما وقع الشامت بنفس الأمر الذي كان يشمت به بأخيه، وهذا واقع ومشاهد في مجتمعاتنا،
وكما قال الشاعر:
إذا ما الدهر جرّ على أناس
حوادثه أناخ بآخرين
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
ويضيف الشيخ الحريقي:
والمصيبة الكبرى ان البعض ربما تقصَّد تتبع عورات إخوانه ليشمت بهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته وفضحه في جوف بيته)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله).
وللشماتة مضار عظيمة تفتك بالمسلم وبحسناته فمن ذلك أن الشماتة تسخط الله تعالى وهو سبحانه لا يرضى هذا من العبد، ثم إذا كانت هذه الصفة بالإنسان فهي دليل على سوء خلقه وقد تعوَّذ رسولنا صلى الله عليه وسلم من سوء الخلق، ثم ما الفائدة من هذه الشماتة؟ لا شيء سوى انها تورث البغضاء والعداوة بين الناس، فكل إنسان لا يحب أن يشمت به أحد وإذا سمع من يشمت به فانه يحقد عليه ويكرهه ويبغضه فتنتشر هذه العادات الذميمة في المجتمع، وهذه الصفة تؤدي إلى تفكك المجتمع والذي ينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص على تماسكه.
وأقول لكل مسلم إذا شمت اليوم بأخيك فسوف يأتي اليوم الذي يشمت بك غيرك
الموضوع منقول
أسأل الله الصلاح والهداية لجميع المسلمين وأن يوحد صفوفهم وأن يوفقهم ويقضي حوائجهم ويزيل همومهم عاجلا غير آجل بلطفه ورحمته سبحانه وتعالى
أخوكم
أبوعبدالله