تحريم القهوة في مكة المكرمة

قبل 10 سنوات

--------------------------------------------------------------------------------
اذكر لكم ما قاله علي مبارك في الخطط التوفيقية عن القهوة:
يقول علي باشا مبارك:" والآن قد عثرنا في كتاب دساسي المسمى " بالأنيس المفيد للطالب المستفيد، وجامع الشذور من منظوم ومنثور" على نبذة تتعلق بالقهوة للشيخ عبد القادر بن محمد الأنصاري الجزيري الحنفي فأردنا إيرادها لتكثير الفائدة، فنقول: قال في ذلك الكتاب: الباب الأول: في معنى القهوة وصفتها وطبعها وفي أي بلدة بدا انتشارها، ولأي معنى طبخت وشربت وعلا منارها. اعلم أن القهوة هي النوع المتخذ من قشر البن أو منه مع حبة المُحَجَّم بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الحاء المهملة المفتوحة أيضاً، أي؛ المقل ، وصفتها أن يوضع القشر إما وحده وهي القشرية، مع البن المحجم المدقوق، وهي: البنية في ماء، ثم يغلى عليه حتى تخرج خاصيته، ومنهم من يجد غاية اعتدال استوائها بطعم مذاقها: أي المرارة وتسمى عندهم في اصطلاح ذوي معرفتها المحكّمة الاستواء بتشديد الكاف ، ثم تشرب. فمن قائل بحلها: يرى أنها الشراب الطهور المبارك الموجب للنشاط، والإعانة على ذكر الله تعالى وفعل العبادة، ومن قائل بحرمتها مفرط في ذمها والتشنيع على شرابها، وكثر فيها من الجانبين التصانيف والفتاوى، وبالغ القائل بحرمتها فادّعى أنها من الخمر وقاسها به، وبعضهم نسب إليها الإضرار بالعقل والبدن إلى غير ذلك من الدعاوى والتعصبات المؤدية إلى الجدال والفتن وإتلاف النفوس والمحن بمكة ومصر القاهرة، وحكم بمنع بيعها وكسر أوانيها الطاهرة، بل وتعزيز باعتها بالضرب وغيره من غير حجة ظاهرة، وتأديبهم بإضاعة ما لهم وإحراق القشرة المتخذة منه، وإيذاء بعض شرابها رجاء مصلحة تعود عليه إما في الدنيا وإما في الآخرة. وهاجت لأجلها جنود الشياطين، وثارت حظوظ النفوس التي لا طائل تحتها من المؤمنين، وبالغ الذام لها فزعم أن شاربها يحشر يوم القيامة ووجهه أسود من قعور أوانيها، وكثر التقاطع والتدابر بين الفريقين، وسيرد عليك ما قيل في حقها من الأسئلة والأجوبة مما يكشف عن وجه حلها النقاب، ويمنع من خالف بحجج سالكة في جادة الصواب. وأمَّا اشتقاق اسم القهوة، فقال العلاَّمة الفخر أبوبكر بن أبي يزيد في مؤلفه ( إثارة النخوة بحل القهوة ) إنها من الأقهاء وهو الاجتواء؛ لأنها تقهى: أي تكره الطعام أو تقعد عنه حسبما نقل عمن يعرف أحوالها، فكذلك هذا المعنى المذكور فتكره أو تقعد عن النوم الموضوعة في الأصل لإذهابه مما يترتب عليه من قيام الليل المطلوب شرعاً، ثم قال: وبعضهم كان يكسر القاف، ويقول: القِهوة فرقاً بين القهوتين. وأمَّا طبعها فذكر كثير من الأطباء والحذاق الألباء: أنها حارة يابسة، وقال آخرون: باردة يابسة، وهو من مذهب أهل الذم لها، ومن أعظم منافعها إذهاب النوم وإن كان للسهر أسباب كثيرة غيرها، من تقليل الأكل وترك التعب في النهار والقيلولة وغير ذلك مما تقرر في كتب الصوفية، ثم قال: فائدة: سمعت من قاضي القضاة علاَّمة زمانه تاج الدين عبد الوهاب بن يعقوب المكي المالكي رئيس الأقطار الحجازية في ليالي اجتماعي به زمن الموسم بداره بالسويقة بمكة المشرفة: أن شرب الماء البارد قبل القهوة مما يفيدها رطوبة المزاج ويقل يبسها ولا يكون السهر حينئذ شديدا، وكنت أراه يفعل ذلك دائماً لهذا المعنى، وهو من ذوي المعرفة و التجارب وله الخبرة السياسية الحسنة في سائر الأمور، وأمَّا مبدأ حدوث القهوة فقال الشيخ شهاب الدين بن عبد الغفار ما لفظه: إن الأخبار قد وردت علينا بمصر أوائل هذا القرن بأنه قد شاع في اليمن شراب يقال له: القهوة تستعمله مشايخ الصوفية وغيرهم للاستعانة به على السهر في الأذكار، قال: ثم بلغنا بعد ذلك بمدة أن ظهورها باليمن كان على يد الشيخ جمل الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد الذبحاني بفتح الذال المعجمة وسكون الموحدة وفتح المهملة و بعد ألفه نون مكسورة، نسبة إلى ذبحان بلدة باليمن وهو عالم مشهور بالولاية و الفتوى، وكانت وفاته سنة خمس وسبعين وثمانمائة، ونحن الآن في عام ست وتسعين وتسعمائة، وأما ظهورها في بلاد الحبشة والجبرت، وغيرها من بر العجم فلا يعلم متى أوَّله. وقال فخر الدين بن بكر بن أبي يزيد المكي: إن الذي اشتهر وبلغ حد التواتر: أن أوَّل من أنشأها بأرض اليمن العارف علي بن عمر الشاذلي، وأنها كانت قبل الكفتة أعني الورق المسمى بالقات لا من البن ولا من قشره، وأما أول ظهورها بمصر، فقال العلاَّمة ابن عبد الغفار: إنها ظهرت في حارة الجامع الأزهر المعمور بذكر الله تعالى في العشر الأول من هذا القرن ( العاشر )، وكانت تشرب في نفس الجامع برواق اليمن يشربها اليمانيون، ومن يسكن معهم في رواقهم من أهل الحرم الشريفين، وكانت المستعمل لها الفقراء المشتغلون بالرواتب من الأذكار والمديح على طريقتهم المذكورة، وكانوا يشربونها كل ليلة اثنين و جمعة يضعونها في ماجور كبير من الفخار الأحمر ويغترف منها النقيب بسكرجة صغيرة ويسقيهم الأيمن فالأيمن مع ذكرهم المعتاد عليها، وهو غالباً " لا إله إلا الله الملك الحق المبين ". وكان يشربها معهم موافقة لهم من يحضر الرواتب من العوام، وغيرهم قال: وكنا ممن يحضر معهم وشربناها معهم فوجدناها في إذهاب النعاس والكسل كما قالوا: بحيث إنها تسهرنا ليالي لا نحصيها إلى أن نصلي الصبح مع الجماعة من غير تكلف، وكان يشربها معهم من أهل الجامع من أصحابنا وغيرهم خلق لا نحصيهم، ولم يزل الحال على ذلك، وشربت كثيراً في حارة الجامع الأزهر وبيعت بها جهراً في عدة مواضع، ولم يتعرض أحد مع طول المدة لشرابها، ولا أنكر شربها لا لذاتها ولا لوصف خارج عنها من إدرة وغيرها مع اشتهارها بمكة وشربها في نفس المسجد الحرام وغيره، بحيث لا يعمل ذكر أو مولد إلا بحضورها، وفشت في المدينة الشريفة دون فشوها في مكة، بحيث إن الناس يطبوخونها في بيوتهم كثيراً، ثم حدث الإنكار عليها بمكة المشرفة في عام سبعة عشر وتسعمائة، من أخوين أعجميين مشهورين بالحكيمين، لهما فضيلة في المنطق والكلام ومشاركة في الطب، ويدعيان مرتبة في الفقه لم تسلم لهما، ثم رحلا إلى مصر في أواخر دولة الغوري وأقاما بها حتى قدم إليها السلطان المظفر سليم شاه فقتلهما توسيطاً لما كان يرميان به، وأعانهما على القيام في أمرها الشيخ شمس الدين محمد الحنفي الخطيب نقيب قاضي القضاة سريّ الدين بن الشحنة وناس آخرون، فأغرى الشيخ شمس الدين مذكور الأمير خير بيك المعمار باش مكة ومحتسبها إذ ذاك على إبطالها من الأسواق ومنع الناس من شربها، وعقد لذلك مجلساً عنده وكتبوا به محضراً، أنشأه لهم الشمس الخطيب وأرسلوه إلى مصر وأرسولا معه سؤالاً وطلبوا مرسوماً سلطانياً بمنعها بمكة المشرفة. ثم أشهر الأمير خيربك النداء بمنع شربها أو بيعها، وشَدَّد في ذلك وعزّز جماعة من باعتها، وكبس مواضعهم وأحرق ما فيها من قشر البن، فبطلت حينئذ السوق، وكان الناس يشربونها في بيوتهم اتقاء شره.
ثم ورد المرسوم السلطاني على خلاف غرضهم ففتر خير بيك عن التسلط على الناس فتجاسروا على شربها، وقال في هذا المعنى بعض أهل المجون:
قهوة البن حُرِّمَت *-*-*-* فاحتسوا قهوة الزبيب
وقال غيره: قهوة البن حرمت *-*-*-* فاحتسوا قهوة العنب
ثم طيبوا وعربدوا *-*-*-* وانزلوا في قفا الخطيب
واشربوها وعربدوا *-*-*-* والعنوا من هو السبب
وفي عام ثمانية عشر وتسعمائة قدم الأمير قطلباي إلى مكة المشرفة صحبة الركب الشريف عِوضاً عن خير بيك فأكثر من شربها فاشتهرت أضعاف اشتهارها الأول. وفي ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وثلاثين قدم إلى مكة العارف بالله سيدي محمد بن عراق، فبلغه أنه يفعل في بيوت القهوة المنكرات فأشار على الحكام بإبطال بيوتها مع تصريحه بحلها في ذاتها، ولما توفي الشيخ سنة ثلاث وثلاثين رجع الحال إلى مكان عليه، ولم تزل أولياء الشيخ من بعده على القول بحلها و المواظبة عليها، وكان أجل ما يحضرونه لمن يرد عليهم من الأكابر ومن دونهم القهوة خصوصاً في زمن الموسم، وقد منعها الشيخ شهاب الدين ابن عبد الحق السنباطي، وأفتى بحرمتها وقام معه العامة، وفي ذلك قال بعضهم:
إن أقواماً تعدوا *-*-*-* والبلا منهم تأتي
حرموا القهوة عمد *-*-* قد رووا إفكاً وبهتا
إن سألت النص قالوا *-*-* ابن عبد الحق أفتى
يا أولي الفضل اشربوها *-*-* واتركوا ما كان بهتا
ودعوا العزال فيها *-*-*-* يضربون الماء حتى
وفي عام خمس وأربعين بينما جماعة في بيوت القهوة يستعملونها في شهر رمضان بعد العشاء، إذ وافاهم صاحب العسس، إما من تلقاء نفيسه أو لأمر أوحى إليه فباتوا في منزل السوباشاة ( الضابط ) وأخرجهم منها على هيئة شنيعة، بعضهم في الحديد وبعضهم مربوط في الحبال، ثم أطلقوا صباحاً بعد أن ضرب كل واحد منهم سبع عشر ضربة، ثم لم يلبث أن ظهر الحق وعاد الحال إلى ما كان بعد نحو يومين. وقد منعت بالقاهرة مراراً فلم تطل المدة وعلا منارها ولم يزل أمرها ظاهراً يشربها العلماء والصلحاء، وطلبة العلم وأماثل الفقهاء، ويقر عليها أهل الإفتاء والتدريس في سائر الأيام والأوقات والاجتماعات للأذكار في ليالي الخيرات، ويلتمس بها إذهاب الكسل وقوة النشاط، قال: و الذي أقوله إن الحق الذي لا مرية فيه: إنها في حدّ ذاتها حلال، وأما الأمور المستجدة من هيئة بيوت باعتها واجتماع أهل المحظور فيها وإضافة ما لا يباح إليها فإنها تحرمها، والخمر إنما حرمت بعد حلها لاشتمالها على قبح الأوصاف التي يحدث منها إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة. ثم قال: ومن الباب الثاني بمكة المشرفة، وشرح المرسوم السلطاني الوارد جواباًَ عما نعت من صفتها إلى غير ذلك من نحو فتاوى العلماء فيها أما المحضر فنص المقصود منه: هذه صورة واقعة شرعية مضمونها: أن مولانا الشريف أبا النصر قانصوه الغوري، لما أقامه الله تعالى خادماً للحرمين الشريفين جعل الجناب العالي خير بيك المعمار ناظر الحسبة الشريفة بمكة المشرفة، وباشا على المماليك السلطانية بها، فمما اتفق له أنه في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة سبعة عشرة وتعمائة طاف بالكعبة الشريفة، ثم شرب من ماء زمزم ثم توجه إلى بيه، فرأى في طريقه ناساً مجتمعين في ناحية من نواحي المسجد الحرام، قد جمعهم السيفي قرقماس النَّاصري، يزعم أنه قد عمل مولداً للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقبل وصوله إليهم أطفأوا الفوانيس التي كانت موقدة فاتهمهم في ذلك وأرسل إليهم، فوجد بينهم شيئاً يتعاطونه على هيئة تعاطي الشراب المسكر، ومعهم معم كأس يديرونه بينهم وقرقماس هو الساقي لهم، فأنكر خاطر الأمير ذلك، سيما وموضوع وظيفة الحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسأل عن هذا الشراب فقيل له: إنه شراب اتخذ في هذا الزمان يسمى القهوة يطبخ من قشر حب يأتي من بلاد اليمن، يقال له: البن وأنه قد كثر وفشا بمكة وصار يباع في أماكن على هيئة الخمارات، ويجتمع عليه الرجال والنساء بدفٍ ورباب وغير ذلك، ويجتمع في تلك الأماكن من يلعب الشطرنج والمنقلة ونحوها بالرهن وغيره، مما هو ممنوع في الشريعة المطهرة حماه الله من الفساق إلى يوم التلاق فأنكر على هؤلاء الجماعة المجتمعين وفرَّق جمعهم، وشتت شملهم، فلما أصبح جمع القضاة والعلماء المقتدى بهم، وحضر مولانا قاضي القضاة النجمي المالكي، وتعذر حضور قاضي القضاة نسيم المرشدي الحنفي، وحضر الشيخ شهاب الدين فاتح بيت الله الحرام والشيخ عفيف الدين عبد الله اليماني الحضرمي الشافعي المعروف بأبي كثير وجماعة كثيرون، و أحضر القهوة في مركن كبير والكأس معه وفاوضهم الأمير في أمر القهوة واجتماع الناس عليها على هذه الهيئة، فأجابوا أجمعون؛ بأن ذلك حرام اتفاقاً يجب إنكاره، وأم الحب المسمى بالبن فحكمه حكم النباتات، والأصل فيه الإباحة، فإن كان يحصل من مطبوخ قشره ضرر في البدن أو العقل، أو يحصل به نشوة وطرب فإنه حرام، ولو استعمله الإنسان بمفرده في داخل بيته والمرجع في ذلك إلى الأطباء، فأحضر الأمير خير بيك الشيخ نور الدين أحمد العجمي الكازروني وأخاه علاء الدين عليا، وهما من أعيان السادة الأطباء بمكة وسألهما عن البن، فذكروا أنه بارد يابس مفسد للبدن المعتدل، فاعترض عليهما شخص من الحاضرين ممن ليس لهم

تحريم القهوة في مكة المكرمة
عندك أي منتج؟
الكل: 2

الله المستعان . حسبنا الله سيؤ تينا الله من فضله إ نا إ لى الله راغبون , واللهم لك الحمد والشكر

أنا من النوع إذا شربت قهوة عربية أصدع لو فنجال واحد وهذا دليل على قوتها على الأعصاب

أما النسكافية فلا لأنها قليلة الكافيين

طبيعة الأشياء المستحدثة يختلف الناس فيها لكن العاقل خصيم نفسه

أضف رداً جديداً..