دكتور / جمال محمد شحات
محاسب قانوني ومستشار مالي
زميل المعهد الامريكى للمستشارين الماليين
زميل المعهد الامريكى للرقابة الداخلية
Ph.D، MBA، CFC، CFA، CPM، MFM، CICA، CRA
بعيدا عن السياسة ...!!
عند مواجهة اى مشكلة تتباين الحلول والرؤى لحل المشكلة ولكن غالبا ما يتم حل المشكلة من قبل من تولوا الحكم والسلطة وكذلك عند مواجهة المشكلات الاقتصادية تفرض رؤية من يكونون فى سدة الحكم حتى فى الازمة العالمية تباينت حلول الامريكان عن الاوريبين فى مواجهة الازمة ..!!
ويقول الاقتصادى الشهير بول كروجمان أنه عندما تطلع على وجهات النظر السائدة حاليا حول حالة الاقتصاد الأمريكي والسبل التي يمكن اللجوء اليها للتعامل مع الأزمة الحالية سوف تصل إلى نتيجة خلاصتها أن الجميع يعمل باستخدام النموذج الخطأ ...!!
ولاشك ان اول الاخطاء لاتباع هذا النموذج الخطأ هو الانفصال او اعتقاد حدوث ذلك الانفصال بين الواقع السياسى للدولة والمنطقة والعالم وبين امكانية تحقيق الحل الاقتصادى ..!!
ولذلك فلا حل للمشكلة الاقتصادية الحالية التى تعانى منها مصر طالما لم تهدأ او تستقر الاوضاع السياسية .
و لا حتى توجد معطيات منطقية لمناقشة هذه المشكلة بدون حل سلمي و عادل و مستدام للمشكلة السياسية الحالية ..
ان التبحر في تحليل الوضع الاقتصادي بدون الحد الأدنى من المعطيات السياسية و الإجتماعية المنطقية و الخروج بنتائج سلبية أو إيجابية هو نوع من أنواع التعبير عن الرغبات السياسية أكثر من كونه تحليلا اقتصاديا علميا.
وهنا ينبغى لنا التوقف طويلا الى ان الاستقرار السياسى هو الاساس لبداية اى حلول او انشطة او استقرار او نمو اقتصادى ..!!
مهما حاولنا ان نحيد الاستقرار الاقتصادى بعيدا عن الاستقرار السياسى فلن يفلح اكثر الاقتصاديين فهما وخبرة من تحقيق هذا النمو الاقتصادى او على الاقل من الخروج من براثن هذه الازمة الخانقة ...!!
ان المعطيات المنطقية لمناقشة تلك الازمة الاقتصادية ليست بمعزل عن احوال وظروف المنطقة الجيوسياسية والتى زادت حدة نيرانها واشتد سعير لظاها ...!!
اما عن الخروج بنتائج منطقية وحلول سحرية لواقع سياسى شديد التأزم فلن يحلم به اكثر الناس تفاؤلا او اكثر الاقتصاديين فهما ..!!
ان وضع العربة امام الحصان لن نصل به الى توصيف صحيح للمشكلة وبالتالى لن نصل به الى وضع يسمح باعمال مبادىء التحليل الاقتصادى السليم لوضع لبنات الحل او مفاتيح الاستقرار ..!!
كانت هذه الكلمة ضرورية للاتفاق على مقدمة سليمة توصلنا لاجابات منطقية للاقتصاد.
وبعيدا عن السياسة ....!!
بناءا على مايحدث على الساحة فى مصر فإن بناء نظام سياسي جديد يُقصي بعض القوى السياسية ويحتوي آخرين، سوف يؤدي إلى نتيجتين/ الأولى: أن هذا التكتل “غير المتوازن” لن يمكنه اتخاذ قرارات جذرية تمس واقع المجتمع المصري، لأنه يفتقد للإجماع السياسي اللازم لاتخاذ مثل هذه القرارات الضرورية لإنعاش الاقتصاد.. الثانية: أن بقاء قوى سياسية مؤثرة خارج النظام رسميا، سوف يحولها تدريجيا إلى معارضة سياسية-غير حزبية- قوية متنامية تجذب بخطابها المعارض انتباه الناس كلما زاد سخطهم من أحزاب السلطة، وهذا يقودنا من جديد إلى اضطرابات سياسية واحتجاجات وثورات.. إلخ .. إذن نعود إلى السؤال الأول: من يستطيع أن يحكم مصر؟.. مصر لن تُحكم- والله أعلم- إلا من خلال قوة سياسية تستطيع أن تحصد في الانتخابات نسبة تقترب من الـــ100%، وبالتالي تنطلق من إجماع شعبي، وهذا افتراض شبه مستحيل.. الحالة الثانية، أن يحدث توافق بين كافة القوى السياسية على قواعد لعبة سياسية جديدة لا تقصي أحدا، وتعتمد بالدرجة الأولى في تعيين رأس السلطة على صندوق الانتخابات، لكن حزب الأغلبية لا ينفرد بتشكيل الحكومة .. هذا الوضع المقترح ليس جديدا في عالم السياسة، فقد سبق في عام 1998م أن وَقَعت الأحزاب السياسية في فنزويلا على اتفاقية تضمن لكل حزب كبير حصةً من المناصب الحكومية بغض النظر عن نتيجة الانتخابات.. كما اتفقوا على وضع شروط معينة تضمن عدم الانفراد باتخاذ سياسات عامة جذرية خارج السياق العام. وهذه الصيغة تُقدِم رؤية وسطا للجمع بين خيار: “اعتماد الأغلبية مطلقا” وبين خيار: “اعتماد التوافق مطلقا”.. فالأغلبية مطلقا، تجعل بعض القوى دائما خارج اللعبة، وبالتالي تسعى لإجهاضها.. والتوافق مطلقا، يُضيع أي معنى للانتخابات.. في ظل هذه “الصيغة الوسطى” يمكن اتخاذ قرارات جذرية يتفق عليها الجميع ويتحملون مسئوليتها.. كما يمكن محاصرة الفساد من خلال الرقابة التضامنية التشاركية التي تمنع من انجراف بعض القوى السياسية إلى التعاطي مع إفرازات نظام ما قبل الثورة.. في اعتقادي أن هذه الصيغة ربما تكون هي الأقرب للتطبيق في ظل حالة محتدمة من الصراع لا يعلم أحد:
متى ولا كيف ستكون نهايتها...!!؟