الدمام – محمد سعد
تعيش الأوساط والقوى الاقتصادية والمالية العالمية خلال هذه الأيام حالة من الهلع والارتباك والترقب، وهي تتابع وقائع وتداعيات أزمة الدَّين الأمريكي ومشروع تعطل إقرار الموازنة الأمريكية حيث لامس الدين العام للولايات المتحدة الأمريكية 98% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يبلغ نصيب المقرضين الخارجيين من هذا الدين 9.7 ترليون دولار، بينما بلغ نصيب الأطراف الداخلية المقرضة 4.6 ترليون دولار، فيما بلغت الاستثمارات العربية في سندات الخزانة الأمريكية نحو 400 مليار دولار.
وأكد اقتصاديون ل"الرياض" أن أزمة إقرار الدين الإمريكي ستؤثر على اقتصاديات العالم بشكل عام والمملكة بشكل خاص، مؤكدين في الوقت نفسه أن فك ارتباط الريال بالدولار غير مجد للخروج من الأزمة، موضحين بأن العالم سيتأثر بهذه الأزمة لارتباطه بالدولار من حيث التبادلات التجارية والاحتياطات المالية.
وقال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين إن انعكاسات أزمة الدين الأمريكية وإقرار الموازنة لن تكون مقتصرة على المملكة فحسب بل ستمتد آثارها على اقتصاد العالم على أساس أن العالم يعتمد على الدولار الأمريكي كعملة رئيسية للتبادلات التجارية وللاحتياطات المالية وكذلك الاستثمارات الدولية إضافة إلى كون الاقتصاد الامريكي يعتبر المؤثر الأكبر في اقتصاديات العالم.
وأضاف البوعينين إن أي تأثر لأسباب مرتبطة بالدين والإلتزامات المالية والإنفاق المحلي الأمريكي ستؤثر على النمو العالمي والطلب على النفط والسلع الأساسية ليس فقط على المملكة بل على جميع الدول وعلى الاقتصاد العالمي.
وحول امتداد هذا التأثير على الريال بحكم ارتباطه بالدولار أوضح البوعينين أنه لا يمكن للحكومة الأمريكية أن تخرج من الأزمة إلا برفع الدين العام، وهذا يجعلها أكثر توسعاً في سياسة التيسير الكمي والذي بدوره سيؤدي إلى ضعف الدولار وبالتالي الريال والعملات الأخرى المرتبطة به.
وبيّن البوعينين أن المطالبة بفك ارتباط الريال بالدولار كأحد الحلول المطروحة لن يؤدي إلى نتيجة ولن يكون مجدياً، مستشهداً بتجربة دولة الكويت حيث إن إجراء الحكومة الكويتية لم يسهم في خفض غلاء المعيشة في الكويت بل على العكس من ذلك نجد أن السوق الكويتي يتعرض لموجات غلاء تفوق ما هو موجود لدينا.
وشدّد البوعينين أن مؤثر الارتباط بالعملة الإمريكية على الغلاء يعتبر محدوداً مقارنة بالمؤثرات الأخرى كالسياسة المالية والغلاء العالمي على سبيل المثال والدليل على ذلك –على حد قوله– ان الغلاء غير مرتبط بالسلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين بل طالت أيضاً السلع المستوردة من السوق الأمريكية والسلع المحلية والتي من المفترض أن لا تتأثر بانخفاض الدولار أو ارتفاعه.
وعن أثر أزمة الموازنة على الاستثمارات السعودية المقومة بالدولار الأمريكي اعتبر البوعينين أنها أكثر المتضررين من هذه الأزمة في حال استمرارها حيث إنها ستفقد جزءا من قيمتها الحقيقية.
ونفى البوعينين جميع الآراء التي ترى أن الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية غير مقلقة، معتبراً أن الاستثمار فيها بات مرتفع المخاطر مع إمكانية تعثر الولايات المتحدة الأمريكية عن الوفاء بالتزاماتها مستقبلاً وهو وإن كان البعض يعتقد أنها غير مقلقة إلا أنها تدق ناقوس الخطر لجميع المستثمرين الأجانب في سندات الخزانة الأمريكية ويدعم ذلك تقارير البنك الدولي وتقارير شركات الاستثمار المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
http://www.alriyadh.com/2013/10/12/article874923.html