فهد عامر الأحمدي
معظم القراء لا يحكمون على صاحب الرأي (من حيث هل هو على صواب أم على خطأ) بل من خلال هل هو معنا أو ضدنا..
مقالات كثيرة كتبتها عارضني فيها البعض (ليس لأنني لا أخطئ) بل لأنني خالفت اعتقاداً تربوا عليه وسمعوه منذ نعومة أظفارهم.. لاحظت أنه حتى في حال تقديم أدلة وبراهين (أو حتى آيات وأحاديث تؤكد الفكرة) يسارع البعض للاعتراض انطلاقاً من مبدأ هل هو معنا أم ضدنا.. أكتشف ذلك حين يتحاشى نقد الأدلة التي قدمتها أو التأكد من وجود آية صريحة أو حديث صحيح تؤكد رأيي المتواضع!.
خذ كمثال سرعة الاعتراض التي حدثت مؤخراً على (أي داعية) تحدث عن «جواز كشف الوجه».. فمجرد ترجيحه لهذا الجانب يعارض ما تربى عليه معظم السعوديين، وبالتالي مهما أوردت من أحاديث تؤيد هذا الجانب (كحديث أسماء، وسعفاء الخدين، والمرأة الحسناء من خثعم، والمرأة التي وهبت نفسها للرسول في المسجد) لن ينحازوا إليه أو يتبنوا وجهة نظرك ويبدؤون بمهاجمته وتسفيه أقواله دون مناقشة أدلته وبراهينه..
وهنا لا تملك غير التساؤل: لماذا فشل (هذا الداعية) في إقناع البعض رغم صحة هذه الأحاديث؟
لماذا لم يقتنعوا رغم أنها أخذت مباشرة من أقوال أو أفعال الرسول الكريم؟
لماذا يخفيها بعض العارفين بوجودها ويستشهدون عوضاً عنها بمصادر أقل قوه وأبعد تأويلاً؟
الجواب ببساطة لأنه ليس ما ألفوه أو تربوا عليه..
المشكلة هي عدم تمييزنا في معظم الأحيان بين المحرم الديني والمحرم الثقافي..
فحين أفتى الشيخ الألباني مثلاً بجواز كشف الوجه (حسب ما وجد من أحاديث) عارضه أحد الشيوخ بقوله: كيف تقول ذلك وبناتك منتقبات.. فرد عليه الألباني: بناتي ولدوا وتربوا في المدينة المنورة وما يفعلنه لا يلغي صحة هذه الأحاديث (وكأنه يقول إن ثقافة المجتمع تفرض نوعاً من التحريم لا يتعلق بالضرورة بالدين).
وهذا صحيح، ويلاحظ في مجتمعنا المحلي على وجه الخصوص.. وسواء تعلق الأمر بالنقاب أو قيادة السيارة أو العمل كاشيرة أنا شخصياً أحترم كل من يختلف معي قائلاً: «يا أخي هذه عاداتنا وتقاليدنا وما نشأنا عليه ورضينا به».. ولكنني أتضايق كثيراً حين يعمد أحدهم إلى إضفاء القدسية على عاداتنا محلية فيترك كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ليستشهد بكلام أحد المريدين، أو يستغل جهل العامة لتقديم الضعيف والمؤول وحجب الصحيح والمباشر - والأسوأ من كل هذا حين تقول له: قال الله وقال الرسول، فيقول لك قال الشيخ فلان والعلامة فلان!.
.. على أي حال، الهدف من المقال ليس محاولة إثبات أو نفي شيء، ولكنه مجرد محاولة لتنبيهكم إلى ضرورة الحكم على الأمور بطريقة عادلة ومجردة وفحص الأدلة الجديدة بمعزل عما ألفناه وتعودنا عليه وفعله آباؤنا الأولون.
مجرد محاولة للتذكير أنه من حقنا التشدد والتزمت والخضوع للأعراف والتقاليد، ولكن ليس من حقنا تجاهل المصادر الصحيحة أو مناطحتها بمصادر أقل منها قوة (فقط كي نرفع من قيمة ما تربينا عليه دون بقية المسلمين في العالم).
....
http://www.alriyadh.com/1695895
نفس فحوى دعوى العوني وزمرته،
اللهم الا ان العوني ظن انها "الفرصة واللحظة الحاسمة"، فتولى كبرها، وتجرأ واقتحم الحاجز، لحاجة له كما هي لحاجة عند غيره، وادعى علنا ان اجتهاد الحاكم ينهي الخلاف، بدعوى عدم وجود اجماع "في مسالة صوت المعازف/الموسيقى"، وان المسألة فيها خلاف معتبر، وليمهد الباب امام غيرها من المسائل، فظن انه وجد ثغرة يقتحم فيها عقيدة ابائه واجداده، وما علم انها بعرة لا تسمن ولا تغني من جوع.
ولذلك كان الرد عليه فرضا حتما وواجبا على المسلم وطالب العلم والدعاة والمشايخ والعلماء والائمة، حتى لا يفتح المجال والباب لغيره لتحريف العقيدة والدين باسم التجديد/التطوير/التحول المتستر تحت ستار "الليبرالية الناعمة" او غيرها من المذاهب والمعتقدات الضالة.
والالباني والشوكاني وغيرهم من الأئمة رحمهم الله كلهم مجمعون على مبدأ راسخ لا يتغير "اذا صح الحديث/الخبر/الاثر/النص فهو مذهبي" وان خالف قولهم ورايهم واجتهادهم الكتاب والسنة، وكثيرا من يرجعون عن اقوال واجتهادات متى ما تبين لهم الصواب لانهم رجاعين للحق، نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله.
والحلال والحرام والمحكمات من المسلمات والثوابت في الدين التي تدخل في باب الاعتقاد الذي هو اساس الدين، والتي لا يُقبل التحريف والعبث فيها، ومن الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، ومن الامور التي يجب حمايتها من استغلال الجاهلين للشبهات في فتح الثغرات في عقائد المسلمين لغسل ادمغتهم وغزو افكارهم وابعادهم عن الله ودينه وشرعه.
ولو ادعى مدعي ان "الخروج على الحاكم المسلم" من المسائل الفقهية الخلافية، ما قبل منهم الحاكم هذا الادعاء، ولا قبله منهم المتعاطفون الذين دلسوا عليهم شبهتهم.
فكيف يدعون هذا بغيرها من المسائل التي اصبحت من المسلمات والثوابت لدى المسلمين، ويثيرون فيها شبه النزاع والخلاف من حين لاخر!
ثم ان الدين والعلم لا يؤخذ من الصحفيين ولا المصحفيين ولا المطربين، وانما يؤخذ من اهله العلماء الربانيين الراسخيين في العلم من اهل الذكر. قال ابن سيرين رحمه الله: "ان هذا العلم دين، فانظروا عمن تاخذون دينكم".
فرق بين ان الانسان يعتقد او يتبنى او يعنل او يقول بالمسائل التي يعتقد انها خلافية او غير مجمع عليها (فهذا امر يخصه وحده لشخصه).
وبين ان يعتقد او يتبنى او يعمل او يقول بأن اجتهاد الحاكم يفصل في امور الاعتقاد مثلما يفصل امور الدنيا (فهذا امر يخص الدين والامة والوطن والمجتمع ككل).
وكونهم ينتقدون من تربى على الحق، ويتأولها المبطلون (عن خبث وكيد واغراض) لا الائمة المعذورون، مسألة ثقافة ومجتمع لا ديانة، فهو شرف لنا، ونفتخر به، ولا يعيبنا، ولا يضرنا، والحمد لله، كيف لا وقد وصى بها الأنبياء ذرياتهم واتباعهم؟!
وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
[الجزء: 1 | البقرة 2 | الآية: 132]
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
[الجزء: 1 | البقرة 2 | الآية: 133]
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
[الجزء: 1 | البقرة 2 | الآية: 136]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
[الجزء: 3 | آل عمران 3 | الآية: 64]
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
[الجزء: 3 | آل عمران 3 | الآية: 84]
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
[الجزء: 12 | هود 11 | الآية: 14]
وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ
[الجزء: 20 | النمل 27 | الآية: 81]
الامام الالباني رحمه الله كانت له اجتهادات كما لغيره من الائمة، لم يصب فيها، ومنها ما تراجع عنها، خاصة في علم الحديث الذي هو اختصاصه الذي جدد فيه.
ومن اجتهاداته، انه كان يرى ان لأية مسلم الحق في التملك داخل هذه البلاد، وان الكفالة نوع من الجزية.
https://youtu.be/UNmGbdzMYmM
مع انه من باب التنظيم الاداري الذي يرجع الاجتهاد فيه لولي الامر حسبما يراه من مصلحة بعد مشاورة اهل العلم خاصة مع وجود الحدود الجغرافية للبلدان.
والملك عبدالعزيز رحمه الله كان يسمح للعرب بدخول هذه البلاد ولا يمنعهم، لكن لما بدأت بعض الدول العربية بمعاملة السعوديين فمنحتهم من الدخول لأراضيها الا بنظام، اعتمد بعدها النظام من باب "المعاملة بالمثل".
https://www.mstaml.com/f/244608/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A
ولا اعلم عن نظام الكفالة، الذي تحدثت عنه في خبر سابق لك نقلته لنا أعلاه، لكن الأغلب انه من هذا الباب!
فهل معنى هذا ان الامام الالباني او غيره يتابع او يطاع في سائر اجتهاداته؟ لا ليس بالضرورة.
وفي العبادات كان يرى مثلا عدم رفع اليدين بعد الركوع، مع ان الصواب هو رفعها على الصدر بعد الركوع.
وغيرها.
فالاحتجاج باجتهادات الائمة لا يحول مسائل الدين الى مسائل ثقافة ومجتمع بالضرورة!
بل كل مسائل الحياة محكومة بدين الله وشرعه، حتى قيادة المرأة للسيارة او عملها ككابتن طائرة او غيره، مما يروج له ويخادع به المسلمون على انه مسألة ثقافة ومجتمع.
لا شكر على واجب
/
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
[الجزء: 19 | النمل 27 | الآية: 37]
شكرا مجددا
تعقيب بسيط ..
يقول؛
"مقالات كثيرة كتبتها عارضني فيها البعض (ليس لأنني لا أخطئ) بل لأنني خالفت اعتقاداً تربوا عليه وسمعوه منذ نعومة أظفارهم.."
_____
اخي المسلم هم لن يقولوا لك مباشرة انهم يستهدفون اعتقادك، فهو وامثاله بلسان مقاله حرفيا، يقول "اعتقادا تربو عليه".
لكن سيهون عليك من امر الاعتقاد ليقول لك اشياء مثل: هي مسائل فقهية وثقافية واجتماعية ونحو ذلك، ليسوغ له تحريف العقيدة وتخرير الخديعة.
فاين الفئران المختبئة التي تزعم ان دفاعنا عن عقيدتنا "فيه خطأ كبير جدا وهو جعل الخلافات الفقهية مثل الكلام في العقيدة التي هي التوحيد" لترى باعينها هذا البرهان ؟
/
والبعض ظن انه وجد ممسكا فاسرع ونقل ما يشهد عليه لا له، فأراد أن يكحلها فأعماها!
ولا شكر على فرض وواجب..
/
قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
[الجزء: 12 | يوسف 12 | الآية: 41]
تصحيح: وتخرير الخديعة = وتمرير الخديعة.
الله كريم