اشتهر على الألسنة تسمية الأكلة التي تكون بعد الظهر : ( الغداء ) وليس كذلك ؛ بل الغداء طعام الغدوّ , وهو الصباح , وفي صحيح البخاري : (( أن أبا موسى الأشعري تغدى دجاجاً , وفي القوم رجلٌ جالس عندَه , فدعاه إلى الغداء )) وورد في الحديث : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في السحور : ((هلمّوا إلى الغداء المبارك )) ورد ذلك في أحاديث كثيرة ، وفي سنن أبي داود : ( باب من سمى السحور الغداء ) وطعام الغذاء في أوّل النهار في مقابل العشاءِ في آخر النهار , وهما أكلتان رئيستان لدى العرب ؛ يقال في تصريفها : تغدّى وتعشّى ورجل غدْيان وعشْيان , و غدّيتة وعشّيتة وأما الفطور ( بفتح الفاء ) فهو للصائم في أيِّ وقتٍ ؛ سواءً كان صوماً شرعياً أم غير شرعيًّ , وإطلاقُ الفطور على طعام أول النهار خطأ ؛ إنما هو الغذاء , وقال سبحانه مخبراً عن موسى في قصته مع الخضر: ( ءَاتِنَا غَدَآءنَا ) وقال تعالى(بالغدو والاصال) وقد نبّه تقي الدين الهلالي في كتابه (( تقويم اللسانين )) على هذه المسأله بتفصيل آخر , وقد أحسن فيما قال ألا أنه لم يصب في قوله : (العرب لم يكونوا يأكلون في وقت الظهر وليس في لغتهم اسمِّ لطعام يؤكل وقت الظهر ) ؛ بل كانوا يأكلون فيه أكلاً خفيفاً , ويسمون الطعام في ذلك الوقت وهو نصف النهار يسمونه ( الهجوري ) , ويسمونه ( الكرزمة ) أيضّا . ( لحن القول ص 168 )