كانت صاحبة القصر-عالية الهمة-جياشة العواطف-كريمة الاخلاق-واسعة الأفق-مفطورة على حب الخير والطهر والعزة. لقد اعتادت صاحبة القصر-الغنية-الجميلة-الطاهرة-ذات الحسب و النسب-أن تتردد على بيت العلم ...الذي يسكن فيه ابن عمها المسن الذي كان يقرأ في كتب السابقين. وفي ذات يوم أخبرها أن نبيا سوف يأتي يختم به الله الرسالات وأن موعده قد قرب فخرجت صاحبه القصر من عتبات منزل ابن عمها بهمة عالية وطموح يعانق جبال مكة راجية أن يكون لها دور في هذا الحدث العظيم . هذه الهمة العالية صفة ينبغي أن تكون في كل فتاة وفي كل امرأة لقد سمعت صاحبة القصر أن خيرا عظيما سوف يكون على هذه الارض فحدثتها همتها أن يكون لها الدور الاعظم في استقبال هذا الخير والقرب منه حتى لو كلفها كل ما تملك هنا نذكر الشامخة اسيا زوجة فرعون يوم تركت أورقة قصرها وديباجه والخدم والحشم والمكانة الاجتماعية من أجل المكانة الربانية والجوار الإلهي:(رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين) همة حتى في الدعاء وقد عرف بالدليل أن الهمة مولودة مع الإنسان وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات فإذا حثت سارت وانطلقت وعانقت الجوزاء. وقد قيل في تعريف الهمة:هي استصغار مادون النهاية من معالي الامور. وهو ما عاشته صاحبة القصر ففي ليلة من ليالي مدينة صاحبة القصر ليلة غارت فيها النجوم واشتد ظلامها وخيم السكون على المدينة المباركة أوت صاحبة ااقصر إلى فراشها...فأسلمت نفسها لنوم وراحت في سبات عميق وبينما هي كذلك اذ رأت صاحبة القصر أن شمسا عظيمة تهبط من سماء مدينتها وتسقط في دارها وتملأ جوانب الدار نورا وبهاء استيقظت صاحبة القصر من نومها وقامت من على فراشها وراحت تقلب نظرها في جوانب الدار تبحث عن النور الذي سقط فإذا بالليل ما زال على سكونه يبسط اجنحته على الدنيا فعلمت صاحبة القصر أنها مجرد رؤيا ولكنها رؤيا جميلة تبعث على التفاؤل والأمل وبقيت صاحبة القصر طوال ليلها تعيش مع هذه الرؤيا حتى الصباح وفي الصباح الباكر تسرع صاحبة القصر إلى منزل ابن عمها لتخبره بهذه الرؤيا أصغى ابن عمها لحديثها باهتمام شديد وهي تحكي له الرؤيا بكل تفاعل وكأنها واقعا تعيشه قام ابن عمها بعدما سمع حديثها ووجهه يتهلل بالبشر والسرور وارتسمت على محياه ابتسامة الفرح وقال لصاحبة القصر بكل هدوء ووقار: ( أبشري يا ابنة العم لو صدقت رؤياك ليدخلن نور النبوة دارك ) عندها تهلل وجه صاحبة القصر بالبشر والفرح والسرور وكأن هذا الخبر قد صادفه طموحا ورغبة في نفسها وظلت صاحبة القصر تعيش على هذا الامل سنوات لترى أي نور سيصل إليها وما هي أول خطواته؟! لعلها تبدد بذلك الحلم الجميل سنوات الوحدة التي عاشتها ولعلها تقشع بذلك الامل المرتقب عذابات السنين وينفي عنها خرافات وظلمات الجاهليه التي عاشت المرأة خلالها محتقرة دون وزن اجتماعي تطلع في الامل الجديد شروق فجر الحريه الحقيقية الذي تنعم فيه بإنصاف المرأة والاعتراف بها وبحقوقها في الحياة دون وكس او نقصان فهو حلو الانبعاث والتجديد والتنوير والرقي وظهور الحق وإبطال الباطل وإعطاء الحقوق ونصرة الضعيف والمظلوم.....