في وقت تواصل ادارة الرئيس باراك اوباما حملتها الديبلوماسية خارجياً وداخلياً للحصول على دعم لقرار توجيه ضربة عسكرية الى قوات نظام الرئيس بشار الأسد، بدأت الدول المجاورة لسورية اتخاذ اجراءات احترازية للعملية العسكرية في وقت وضعت قيادة «الجيش الحر» خططاً لاستغلال الضربة المحتملة.
وفيما قال الأسد في مقابلة مع محطة «سي. بي. إس» الأميركية انه «لا يوجد دليل على انني استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبي»، محذراً من رد انتقامي من جانب المتحالفين معه في حال نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية، اكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري ان نظام الأسد استخدم «الكيماوي» 11 مرة على الأقل، لافتاً بعد لقائه تسعة وزراء عرب في باريس الى ان هناك إجماعاً على ان الأسد تجاوز «الخط الأحمر».
وكان الوزير الأميركي يتحدث بعد اجتماع مع أعضاء «لجنة المبادرة العربية لمفاوضات السلام» برئاسة وزير خارجية قطر خالد العطية، وبعد اجتماعين ثنائيين مع وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والمصري نبيل فهمي في بيت السفير الأميركي في باريس بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وقال كيري عن لقائه مع سعود الفيصل ان المملكة وقّعت بيان مجموعة العشرين وهي تؤيد ردع النظام السوري. وقال كيري: «بما اننا ناقشنا هذا الأمر اليوم فقد اجمعنا على ان لجوء بشار الأسد المشين للأسلحة الكيماوية التي قتلت مئات الأبرياء وبينهم أطفال يعد تجاوزاً لخط احمر دولي (...) وإذا كان المجتمع الدولي يريد بالفعل ضمان السلام والأمن في العالم فلا يمكنه البقاء بلا حراك عندما يتعرض شعب اعزل للهجوم» بأسلحة دمار شامل.
وتابع كيري: «ندعو دولاً اخرى الى التدخل لحماية الشعب السوري مما يتعرض له» موضحاً ان بلاده تدرس مع دول حليفة اخرى سبل التحرك، وقال: «ناقشنا الإجراءات التي يمكن ان يتخذها المجتمع الدولي لمنع (الأسد) من تجاوز الخط الأحمر»، مؤكداً ان «انتهاء الحرب الأهلية في سورية يتطلب حلاً سياسياً ولا يوجد حل عسكري»، وأن «ما تسعى اليه الولايات المتحدة مع شركاء آخرين في المجتمع الدولي هو ضمان احترام القوانين في مجال الأسلحة الكيماوية. نحن لا نريد ان نكون طرفاً في النزاع».
وفي واشنطن، يبدأ اوباما اليوم حملة اعلامية قوية بإجراء ست مقابلات تلفزيونية قبل توجيهه خطاباً الى الشعب الأميركي مساء غد، في وقت تحدث مساعدوه الى وسائل الإعلام لشرح اسباب قراره شن ضربة لقوات الأسد، في وقت بدأت دول مجاورة سورية اتخاذ اجراءات تحسباً للضربة. وقال مسؤول إسرائيلي إن الولايات المتحدة ستبلغ إسرائيل بأي هجوم على سورية قبل ساعات من تنفيذه. ونشرت اسرائيل امس بطارية من نظام «القبة الحديد» غرب القدس، بعدما كانت نشرت أواخر الشهر الماضي بطارية صواريخ متنقلة في منطقة تل ابيب وتم توجيهها شمالاً باتجاه سورية. وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن نشر ست او سبع من هذه البطاريات.
ونقلت شبكة «ان تي في» التركية ان بطارية صواريخ ارض-جو من نوع «ستينغر» نصبت خلال الأيام القليلة الماضية على قمة جبل شوف قرب مدينة يايلاداغي في محافظة هاتاي على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع سورية وعلى مقربة من البحر المتوسط. كما نشرت بطارية اخرى في مدينة جيلانبينار الصغيرة الواقعة في محافظة سانلي اورفه في جنوب شرقي البلاد بمحاذاة الحدود.
في هذا الوقت، افادت «سي. بي. إس» الأميركية بأن الأسد نفى مسؤوليته عن «الهجوم الكيماوي» وقال انه «لا يوجد دليل على انني استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبي». وقال مراسل الشبكة تشارلي روز الذي تحدث عبر الهاتف إن الأسد حذر من رد انتقامي من المتحالفين معه في حال نفذت اميركا ضربة عسكرية. وأضاف إن الأسد أبلغه بأن سورية مستعدة للهجوم بكل ما أوتيت من امكانات.
ورداً على ما قاله الأسد، صرح الأمين العام للبيت الأبيض دنيس ماكدونو عبر شبكة «سي بي اس» ان «هذا الأمر كذبة كما يبدو لي»، ودعا الى مشاهدة الأشرطة الوثائقية التي نشرت على موقع مجلس الشيوخ للتأكد من أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي.
واعتبر ماكدونو ان «من المهم» ان «يوافق (الكونغرس) على هذا القرار (الذي يجيز تدخلاً عسكرياً) لنتمكن من توجيه رسالة واضحة ومقنعة جداً لشخص يبدو انه لا يفهم شروط المجتمع الدولي» بخصوص الأسلحة الكيماوية.
وكتبت صحيفة «بيلد ام تسونتاغ» الألمانية نقلاً عن عمليات تنصت للجيش الألماني ان الاسد لم يوافق شخصياً على الأرجح على «الهجوم الكيماوي». وزادت أن ضباطاً كباراً في الجيش السوري «يطالبون بانتظام منذ نحو أربعة اشهر في القصر الرئاسي في دمشق (بشن) هجمات كيماوية، (لكن) هذه الطلبات تم رفضها على الدوام.
في المقابل، استنفرت قيادة اركان «الجيش الحر» طاقاتها لإعداد خطط من اجل ان «تستغل الى اقصى حد» اي ضربة عسكرية غربية محتملة ضد الأسد. وقال المستشار السياسي والإعلامي لـ «الجيش الحر» لؤي مقداد لوكالة «فرانس برس» امس: «نحن في حال استنفار كامل واللواء سليم ادريس يقوم بزيارات الى الجبهات، وتم توحيد غرف العمليات في مناطق عدة، ووضعت خطة للتعامل مع الضربة واستغلالها الى اقصى حد».
ميدانياً، سيطر مقاتلو المعارضة على مدينة معلولا المسيحية قرب دمشق، في وقت اتهم رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا وقائد «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس في بيان مشترك أمس نظام الأسد بـ «ارتكاب جرائم عبر شبيحته لتشويه صورة الثوار». وقال ان النظام يسعى إلى «لعب كل أوراقه وأكثرها قذارة في محاولة بائسة منه لتشويه صورة الثورة وتأليب العالم الحر عليها».
وفي شمال شرقي البلاد، أفادت مصادر المعارضة بأن الطيران الحربي قصف بالبراميل المتفجرة أطراف سد الفرات في مدينة الطبقة. وبث نشطاء فيديوات أظهرت أعمدة الدخان تتصاعد من مكان التفجير وهدير طائرة حربية تقصف أطراف السد. وقال «الائتلاف» إن النظام السوري يعمل على افتعال «كارثة إنسانية عظمى لا يبدو أنه يدرك حجمها، من خلال الاستهداف المتعمد لأكبر مجمع مائي في سورية، وأهم مصدر من مصادر توليد الطاقة الكهربائية في البلاد، إضافة إلى كونه محاطاً بمناطق سكنية مأهولة، وقد يسبب تدمير جزء منه فيضاناً يودي بأرواح الآلاف إن لم يكن الملايين».
في غضون ذلك، وقع «مجلس غرب كردستان» و»المجلس الوطني الكردي» أمس مشروع تشكيل إدارة مرحلية انتقالية في المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سورية وشمالها الشرقي. وقال مسؤولون أكراد لـ «الحياة» إن مفاوضات شاقة بين الجانبين في مقر «الهيئة الكردية العليا» في القامشلي امس، أسفرت عن توقيع المشروع الذي كان «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم اقترحه قبل أسابيع. ونص الاتفاق المعدل على «تشكيل لجنة لصياغة مسودة الدستور الموقت بعد التوافق عليه من كل المكونات في مدة أقصاها 40 يوماً وأن يقدم كل طرف عدداً من الأعضاء يمثلونه في الهيئة الموقتة التي ستتشكل من كل المكونات وتدير عملية الانتخابات» على أن تقوم هذه الهيئة بـ «تشكيل إدارة ديموقراطية مرحلية مشتركة بعد إنجاز الدستور وصوغ قانون للانتخابات».