أنجبت من طليقها رغماً عنه

قبل 11 سنة

لم يكن زواجه محل ترحيب أسرته، فقد كانت أوروبية وبعيدة كل البعد عن مجتمعه وتقاليده، ولكن الحب الذي جذبه نحوها لم يترك له مجالاً للتراجع فتزوجها رغم الجميع، وعاش معها بحب استمر سنوات، فلم ينقصهما سوى أن يستكملا سعادتهما بطفل يملأ المنزل بضجيج الحياة ضحكاً وبكاءً.

وكما يحدث في مثل هذه الحالات طرقا أبواب أفضل وأشهر الأطباء داخل الدولة وخارجها، ولكن الجميع اجتمعوا على صعوبة الحمل لديها وأن لا أمل إلا بالتخصيب الصناعي، وبالفعل توجها إلى أحد المراكز المتخصصة في أبوظبي، حيث تم أخذ الحيوانات المنوية والبويضات منهما وتجميدهما للقيام بعملية التخصيب.

وللأسف كان الفشل من نصيبهما. والمشكلة الحقيقية أن هذا الفشل انعكس على حياتهما الزوجية، وغادرتهما المحبة والسكينة لتسكن العصبية والشجار في تفاصيل أيامهما وتعمد كل منهما أن يحدث جرحاً في قلب من كان حبيب الأمس وأغلق قلبه دون الآخر، فكان لابد من الانفصال، وهو ما لم يتردد به لحظة خاصة أن لا طفل يخشى عليه من عواقب الطلاق. وأخيراً توجها إلى المحكمة حيث تم الطلاق وأقرت الزوجة أمام القاضي بخلو رحمها من أي حمل.

تكهن

لا أحد يمكنه التكهن بما حدث بعد ذلك داخل عقلها، وما كان دافعها لما فعلت، ربما أرادت أن تجد طريقة للعودة إلى زوجها، وربما كان كما اتهمها البعض أرادت أن يكون لها إقامة دائمة ونفقة وسكن على حساب طليقها فتستفيد منه إلى أقصى حد ممكن، وربما كان ظمأها إلى الأمومة، ولكنها وبغض النظر عن الأسباب، ذهبت إلى مركز التخصيب الصناعي وقامت بمحاولة تخصيب جديدة بعد الطلاق مباشرة، والمفاجأة أنها نجحت وبدأ الجنين ينمو في أحشائها، فذهبت إلى طليقها لتخبره بأنها حملت منه، وأن طفله سيأتي إلى الحياة قريباً.

لم يكن الخبر يحمل مفاجأة بالنسبة له، بل كان صاعقة نزلت على رأسه، فقد أسقطها من حياته ومن مشاعره وبدأ يعد لحياة جديدة، وها هي تربطه معها بحبل بما لا يمكن التخلص منه، إنسان من دمه ولحمه، ولكنه أتى للحياة من دون إرادته ومن امرأة لا يريد أن يكون له معها أي رابط، وجاءت ردة فعله الفورية واللا إرادية بالرفض، قال لها إنه لا يريده ولا يريدها، وأنه وجد لنفسه حياة أخرى بعيداً عنها ومن دونها. وأمام رفضه لجأت للقضاء لطلب إثبات نسب طفلها لوالده البيولوجي.

مورثات

أمام محكمة الأحوال الشخصية قال لهم إنه يعرف أنه ابنه البيولوجي ولكن هذا لا يكفي للبنوة، قال إن ما يجمع الأب بإبنه ليست المورثات الجسدية ولكنه شيء يرتبط بالروح والقلب وهو لا يشعر بشيء اتجاه هذا الطفل، هو طالما أراده وأنفق مبالغ طائلة ليحصل عليه لأنه كان يحب الأسرة التي جمعته بأم هذا الطفل وأراد أن يستكملها بهذا الطفل، ولكنه الآن وبعد كل هذه المشكلات والتجريح المتبادل بينهما لا يريدها، ولا يريد هذا الطفل، ولهذا ينكر أبوته له ويرفض إلحاقه بنسبه لأنها لم تستأذنه في إنجابه.

لم تكن هذه القضية سهلة بالنسبة للقضاء فقد كانت الأولى في هذا المجال، فإن كان الفقهاء يفتون بأن التلقيح الصناعي في حال عدم قيام الحياة الزوجية يعتبر حملاً سفاحاً، إلا أنه في هذه الحال هناك عدة وجوه فأولاً الحيوانات المنوية والبويضة تم أخذهما خلال قيام الحياة الزوجية وتجميدهما، كما أن التلقيح تم خلال العدة، ولكن الاتصال في العدة بين الزوجين يعتبر عودة عن الطلاق، ولكن هنا لم يحدث اتصال حقيقي والطلاق كان قائماً، فالقضية محيرة ولا يوجد فتوى تحدد كون الحمل صحيحاً أم سفاحاً.

وأمام كل هذه المعطيات لم يكن أمام المحكمة إلا أن تنحاز إلى مصلحة الطفل الذي لا ذنب له في خلافات والديه ولا بما قامت به أمه، ومن حقه أن يكون له اسم وعائلة ينتسب إليها. وبالتالي حكمت بثبوت النسب وأيدت محكمة الاستئناف الحكم. وتضمن الحكم إلزام الأب بكل مصاريف ابنه من طعام وملبس ومسكن.

شكوى

لم تكن القضية بالنسبة للأب مجرد طفل ولد من دون إرادته، ولكنه شعر بأن حياته ومستقبله اختطفا منه كرهاً عنه، وهو لم يكن يمانع بالفعل نسب طفله إليه فهو بالنهاية ابنه، وقد استسلم لحكم المحكمة ولم يطعن عليه بالنقض، ولكن إحساسه بالمرارة والغدر لم يفارقاه فلجأ إلى الشكوى جنائياً ضد طليقته والمستشفى الذي قام بالتخصيب دون إرادته لأن القانون يلزم مراكز التخصيب بأخذ موافقة الوالدين قبل كل محاولة تخصيب، وهو الإجراء الذي لم يلتزم به المركز الذي قام بالتخصيب من دون حضوره وتوقيعه.

أنجبت من طليقها رغماً عنه
عندك أي منتج؟
عفواً.. لايوجد ردود.
أضف رداً جديداً..