تواصل – د ب أ:
تعد آلام الرأس ومشكلات النظر من المتاعب الشائعة، التي يشكو منها الجميع خلال حياته. ولكن إذا هاجمت هذه المتاعب الجسم للمرة الأولى بعد سن الخمسين، فإنها قد تنذر بالعمى.
وقال البروفيسور الألماني فولفغانغ شميت: إن المتاعب قد تكون أعراضاً لما يُعرف بـ”التهاب الشريان ذي الخلايا العملاقة”، الذي يستلزم العلاج الفوري، رغم صعوبة تشخيصه لتجنب العواقب الوخيمة، التي قد تترتب عليه، مثل العمى.
وفسر عضو الجمعية الألمانية لأمراض الروماتيزم، أن التهاب الشريان ذا الخلايا العملاقة هو استجابة خاطئة لجهاز المناعة، موضحاً: “لا يستطيع جهاز المناعة التفرقة بين خلايا الجسم والأجسام الغريبة، فيهاجم خلايا الجسم في صورة التهابات”.
وأشار البروفيسور الألماني إلى أن هذه التغيرات الطارئة على الأوعية تظهر في صورة مختلفة، موضحاً: “لدى 70% من المرضى يتمثل أهم الأعراض وأكثرها وضوحاً في آلام الرأس المفاجئة على كلا الجانبين، والتي تزداد سوءاً عند ملامسة الصدغين”.
ومن الأعراض الأخرى آلام عند المضغ، وأعراض إنفلونزا شديدة، وحمى، وتعرق ليلي، وفقدان بسيط للوزن، وتدهور القدرة على الإبصار مثل رؤية ومضات.
ومن جانبه، قال طبيب العيون الألماني، توماس نيس، إن هذه الأعراض غير مميزة، وغالباً ما يتم تشخيصها بشكل خاطئ؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. وأوضح نيس قائلاً: “إذا حدث فقدان حاد للإبصار في إحدى العينين، فغالباً ما يكون الأوان قد فات لإنقاذ هذه العين”.
وإذا لم يتم علاج المريض في هذه الحالة، بشكل سليم وعلى وجه السرعة، فإنه يكون هناك خطر أن ينتشر الالتهاب، ويؤدي في أسوأ الأحوال إلى إصابة العين الأخرى بالعمى في غضون أيام قليلة.
وعن كيفية تشخيص المرض، قال اختصاصي الأوعية الدموية الألماني، كلاوس أمينت، إنه يتم الجمع بين عدة طرق تشخيصية، موضحاً: “الارتفاع الشديد لقيم الالتهاب في الدم يعطي مؤشراً أولياً”. وبعد ذلك، يتم جمع أدلة بصرية وتحسسية، فعلى سبيل المثال، يكون الصدغان متورمين وصلبين وحساسين جداً للمس.
وفي الخطوة الآتية، يتم إجراء فحوصات بالأشعة التصويرية، إذ عادةً ما يتم إجراء أشعة تصويرية لكل من الشريان الذي يُشتبه فيه، والأورطى، وكذلك شرايين الترقوة.
قال طبيب العيون الألماني، نيس: إن العلاج القياسي لالتهاب الشريان ذي الخلايا العملاقة هو العلاج بالكورتيزون، موضحاً: “ليس هناك دواء سريع المفعول مثل الكورتيزون”، مشيراً إلى أن العلاج – غالباً – ما يستغرق من سنة ونصف إلى ثلاث سنوات.
وللحد من الآثار السلبية المترتبة على العلاج بالكورتيزون، فإنه يمكن تقليل الجرعة، خلال العلاج بصفة مستمرة، ولكن يتوقف ذلك على مدى استجابة الجسم للعلاج، وهو أمر متروك لتقدير الطبيب المعالج.
وخلال العلاج بأكمله، يظل المريض تحت ملاحظة مستمرة من قبل الطبيب، وكذلك يتم باستمرار فحص القيم المختبرية، إذ لا يتعلق الأمر بمواءمة الجرعة حسب الحالة فقط؛ وإنما لأنه – في أكثر من نصف الحالات – تحدث الإصابة بالتهاب الشريان ذي الخلايا العملاقة مصحوبة في البداية بالتهاب العضلات المتعدد أيضاً، والذي عادةً ما يزول بعد العلاج بالكورتيزون مباشرةً