جزء في بيان ضعف حديث الثلاثة الذين دخلوا غاراً فانطبقت على مدخله صخرة

قبل 7 سنوات

هذا حديث رواه الشيخان وغيرهما ومع ذلك هو حديث ضعيف معلول بعلل قادحة متناً وسنداً منها أن مداره في الحقيقة على راو واحد بالإضافة إلى علل قادحة أخرى منها ما يلي

علة المتن

أما علة متنه القادحة فهي أن بعض أفعال أحدهم التي ذكرها في دعائه تعتبر منكراً في كل الشرائع وليست عملاً صالحاً في الحقيقة لأن ترك عياله يتضاغون من الجوع طوال الليل حتى الفجر بحجة أنه لا يريد أن يطعمهم قبل والديه النائمين يعتبر منكراً شرعاً. فلا يجوز تعذيب أي طفل أو مسلم بالجوع أو غيره بهذه الحجة الواهية الباطلة. وكان بإمكانه أن يغطي نصيب والديه من اللبن ليشرباه حين يستيقظا ثم يعطي عياله المساكين نصيبهم لكي يشربوا ويشبعوا ويناموا. لا أن يعذبهم بالجوع وهو يستطيع إطعامهم فهذا من الكبائر لأنه ظلم لهم والظلم من الكبائر

وعلة المتن هذه لوحدها تثبت أن هذه القصة خيالية ولم تحدث أصلاً وغالباً أنها من تأليف أول من كتبها قبل أن يفطم البخاري من الرضاعة أصلاً وهو الشيعي محمد بن فضيل الذي توفي سنة 195 ه أي بعد ولادة البخاري بحوالي سنة لأنه ولد في سنة 194 ه. وقبل ولادة مسلم بحوالي 11 سنة لأنه ولد في سنة 206 ه. فابن فضيل الشيعي هذا هو أول من كتب هذه القصة وادعى أن لها إسناداً وذلك في كتابه المسمى (كتاب الدعاء) الذي ألفه قبل أن يولد البخاري ومسلم أو قبل أن يفطم البخاري رضاعته

علل السند

أول من روى هذا الحديث من المصنفين، ابنُ فضيلٌ في كتاب الدعاء 1-243 ولكن ابن فضيل هذا ضعيف جداً وحديثه لا يصح إذ قال عنه الذهبي في كتابه (ذِكرُ من تُكلم فيه 1-167) ما يلي (محمد بن فضيل بن غزوان.. شيعي. قال أبو حاتم: كثير الخطأ. وقال ابن سعد: بعضهم لا يحتج به) إه

ثاني من روى هذا الحديث هو عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند حيث قال في مسند أحمد بن حنبل (حدثني أبي ثنا مَروَانُ بن معَاوِيَةَ ثنا عمَرُ بن حَمزَةَ العمري ثنا سَالمُ بن عبد اللّهِ عنِ بن عمَرَ) ..الخ.

* في هذا الإسناد الراوي (عمر بن حمزة) العمري وهو ضعيف. قال الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام 9-228 عن عمر بن حمزة ما يلي (قال النسائي: ضعيف الحديث). إه

* فيه أيضاً (مَروَانُ بن معَاوِيَةَ) وهو مدلس فيه ضعف. قال عنه ابن العجمي رحمه الله في كتابه أسماء المدلسين 1-204 (مروان بن معاوية.. قال ابن معين ما رأيت أحيل للتدليس منه) إه

ورواه عبد الله بن أحمد أيضاً بسند هذا نصه (حدثني أبي ثنا يَعقُوبُ ثنا أبي عن صالِحٍ ثنا نافِعٌ أنَّ عَبدَ اللّهِ بن عُمرَ)

وهذا الإسناد كما ترون مليء بالأسماء المبهمة فمن هو يعقوب ومن هو أبوه ومن هو صالح؟! لا أحد يستطيع الجزم يقيناً بمن هم هؤلاء إلا الله ثم عبد الله بن أحمد بن حنبل. لا أريد التخمينات

وثالث من روى هذا الحديث هو البخاري في جامعه حيث قال (حدثنا إسْمَاعِيلُ بن خَليلٍ أخبرنا عَليُّ بن مسْهِرٍ عن عبيد اللّهِ بن عمَرَ عن نَافعٍ عن بن عمَرَ رضي الله عنهما) ..الخ.

* في هذا الإسناد علي بن مسهر وهو مختلف فيه وفي حفظه ضعف ألمح إليه فيما يلي حيث قال أبو جعفر العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير 3-251 (1250 علي بن مسهر كوفي. حدثني الخضر بن داود قال حدثنا أحمد بن محمد قال سمعت أبا عبد الله يقول أما علي بن مسهر فلا أدرى كيف أقول ثم قال إن على بن مسهر كان قد ذهب بصره وكان يحدثهم من حفظه). وفي هذا تنبيه إلى ضعف حفظه وضعف روايته

* وفي هذا الإسناد أيضاً (إسماعيل بن خليل) وهو مجهول. ويمكن أن يدعي أحد بأنه الخزاز ولكن لا يوجد ما يثبت ذلك. وحتى الخزاز مجهول الطبقة

كما روى البخاري هذا الحديث بإسناد هذا نصه (حدثنا سعِيدُ بن أبي مَريَمَ حدثنا إِسمَاعِيلُ بن إبراهيم بن عُقبَةَ قال أخبرني نافِعٌ عن بن عُمرَ رضي الله عنهما) ..الخ.

وفي هذا الإسناد (إِسمَاعِيلُ بن إبراهيم بن عُقبَةَ) مُتكلم فيه (وقيل بأنه متكلم فيه بغير حجة) ورفض أبو حاتم الرازي توثيقه واكتفى في وصفه بعبارة (لا بأس به) إه وهذه العبارة فيها تضعيف له

وفي هذا الإسناد (سعِيدُ بن أبي مَريَمَ) قل عنه الذهبي في كتابه تذكرة الحفاظ 1-392 (له غرائب وأفراد) إه

رابع من روى هذا الحديث هو مسلم بإسناد هذا نصه (حدثني محمد بن إسحاق الْمسَيَّبِيُّ حدثني أنَسٌ يعنى بن عيَاضٍ أبَا ضَمرَةَ عن موسَى بن عقْبَةَ عن نَافعٍ عن عبد اللّهِ بن عمَرَ) ..الخ

وبإسناد هذا نصه (وحدثنا إسحاق بن مَنصُورٍ وَعَبدُ بن حُمَيدٍ قالا أخبرنا أبو عاصِمٍ عن بن جُرَيجٍ أخبرني مُوسى بن عُقبَةَ عن نافع عن ابن عمر) ..الخ

* وفيهما كما ترون (موسى بن عقبة) بالعنعنة وهو مدلس كما جاء في كتاب أسماء المدلسين 1-215 لابن العجمي رحمه الله

كما رواه مسلم بإسناد نصه (حدثني سُوَيدُ بن سعِيدٍ حدثنا علِيُّ بن مُسهِرٍ عن عبيد اللّهِ ... عن ابن عمر) .. الخ

* وفيه (علي مسهر) الذي سبق أن بينت ضعفه في بدايات هذا البحث

ورواه مسلم بإسناد نصه (حدثني أبو كُرَيبٍ ومُحَمَّدُ بن طرِيفٍ البَجَلِيُّ قالا حدثنا بن فُضَيلٍ حدثنا أبي ورَقَبَةُ بن مسْقَلَةَ ... عن ابن عمر) ..الخ

* وفيه ابن فضيل وقد بينت ضعفه الشديد في بداية هذا البحث

ورواه مسلم بإسناد هذا نصه (حدثني زُهيْرُ بن حرْبٍ وحَسَنٌ الْحُلْوانِيُّ وعَبْدُ بن حُميْدٍ قالوا حدثنا يعْقُوبُ يعْنُونَ بن إبراهيم بن سعْدٍ حدثنا أبي عن صالِحِ بن كيْسَانَ كلهم عن نافِعٍ عن بن عُمرَ) ..الخ

ولاحظوا هنا أن مسلماً قد قال بأن يعقوب المبهم هنا هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهذا قول يحتاج إلى دليل. ثم إّذا افترضنا جدلاً أن كلامه صحيح نقول بأن إبراهيم بن سعد قد ليّنه أي ضعّفه يحيى القطان كما قال الذهبي في كتاب (ذِكرُ من تُكلم فيه 1-31) إه

ورواه مسلم بإسناد في نصه (أبو اليَمَانِ أخبرنا شعَيْبٌ عن الزّهْرِيِّ أخبرني سَالمُ بن عبد اللّهِ أنَّ عَبدَ اللّهِ بن عمَرَ) ..الخ

وأبو اليمان هذا مبهم مجهول وشعيب هذا أيضاً مبهم مجهول

وروى هذا الحديث أبو يوسف الفسوي في كتابه المعرفة والتاريخ 1-35 و100 كما يلي (حدثنا أبو اليمان قال : اخبرنا شعيب وحدثنا الحجاج بن أبي منيع قال: حدثني جدي جميعا عن الزهري قال : اخبرني سالم بن عبد الله : ان عبد الله بن عمر) ..الخ

وهذان إسنادان في أحدهما مبهمان مجهولان هما (أبو اليمان وشعيب) وفي الآخر (الحجاج بن أبي منيع) وهو مجهول الحال أي مجهول العدالة إذ أني لم أجد أحداً قد وثقه أو حتى عدّله

وروى هذا الحديث ابن أبي الدنيا في كتابه مجابو الدعوة 1-14 فقال (حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح يعني ابن كيسان حدثنا نافع أن عبد الله بن عمر) الخ

* وفي هذا الإسناد إبراهيم بن سعد وهو ضعيف كما مر معنا قبل قليل

وروى هذا الحديث الواسطي في كتابه تاريخ واسط 1-168فقال (حدثنا أسامة قال ثنا يحيى بن عبادة البحتري قال ثنا مهدي بن عيسى الواسطي قال ثنا سهل بن أسلم العبدي عن يزيد بن أبي منصور عن أبي رافع) ..الخ
* وفيه (يزيد بن أبي منصور) لم يوثقه غير ابن حبان وهو معروف بالتساهل في التوثيق

* وفيه (مهدي بن عيسى الواسطي) وهو مجهول الحال. قال عنه ابن القطان بأنه (مجهول الحال) لسان الميزان 6-106

* وفيه (يحيى بن عبادة البحتري) وهو مجهول

وروى هذا الحديث البزار في مسنده فقال (حدثنا سلم بن جنادة بن سلم : نا أبي : نا عبيد الله ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر)

* وفيه جنادة بن سلم وهو ضعيف جداً متفق على ضعفه. حسبما جاء كتاب الكاشف للذهبي 1-297 ولسان الميزان لابن أبي حاتم 2-515 حيث قال عنه الإمام أبو حاتم الرازي (ضعيف الحديث. ما أقربه من ان يُترك حديثه. عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر) إه

كما رواه البزار من طريق (عمرو بن علي ومحمد بن معمر - واللفظ لمحمد - قالا : نا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر)

* وفيه موسى بن عقبة وابن جريج بالعنعنة وهما مدلسان معروفان بالتدليس. كما أن أبا عاصم هذا مبهم مجهول

كما رواه البزار من طريق (الفضل بن سهل نا يعقوب بن إبراهيم (بن سعد) حدثني أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع ، عن ابن عمر)

* وفيه إبراهيم بن سعد وسبق أن بينت ضعفه في هذا المقال فوق

ورواه البزار أيضاً في مسنده من طريق (وحدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن الجنيد : نا ابن أبي مريم ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر) ..الخ

* وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وسبق أن بينت ضعفه في هذا المقال فوق. كما أن فيه ابن أبي مريم مبهما هكذا. وإن كان هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم فهو ضعيف متروك الحديث كما نقل الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء 7-64. كما أن إبراهيم بن عبيد الله بن الجنيد مجهول

كما رواه البزار أيضاً في مسنده عن (علي بن المنذر : نا محمد بن فضيل : حدثني أبي ورقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر)

* وفيه ابن فضيل وقد بينت ضعفه الشديد في بداية هذا البحث. كما أن أبياً ورقبة مبهمان مجهولان. وعلي بن المنذر موصوف بأنه شيعي

وروى هذا الحديث الروياني في مسنده بإسناد هذا نصه (حدثنا أحمد قال نا عمي حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري ان أبا سلمى القتباني حدثه عن عقبة ابن عامر) ..الخ

وفيه ابن لهيعة ضعيف ومدلس عن الضعفاء أيضا كما جاء في أسماء المدلسين لابن العجمي 1-125 وفي هذا السند راويان مبهمان مجهولان هما أحمد وعمه

ورواه أبو يعلى في معجمه من طريق الضعيف: ابن فضيل الذي سبق أن بينت ضعفه في بداية هذا البحث

وروه أبو عوانة من طريق الضعيف إبراهيم بن سعد والضعيف علي بن مسهر والضعيفإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة الذين سبق أن بينت ضعفهم في هذا البحث

كما رواه أبو عوانة بإسناد هذا نصه (حدثنا ابن شبابان ومحمد بن أحمد الواسطي قالا ثنا أحمد بن سعيد الهمداني قثنا ميمون بن يحيى بن الأشج عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع عن ابن عمر) ..الخ

* وفي هذا الإسناد (مخرمة بن بكير عن أبيه) وقد قال عنه الذهبي في كتابه (ذكر من تكلم فيه 1-172) ما يلي (مخرمة بن بكير.. لم يسمع من أبيه شيئا وضعفه ابن معين). إه

كما رواه أبو عوانة بإسناد نصه (حدثنا ابن شبابان قثنا عثمان قثنا جرير عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر) ..الخ

* وفي هذا الإسناد كما ترون أسماء مفردة مبهمة مجهولة بالإضافة إلى عبد الله بن نافع الذي قال عنه في كتابه الكاشف 1-603 (3019 عبد الله بن نافع مولى بن عمر عن أبيه وابن المنكدر وعنه الطيالسي وابن أبي فديك ضعفوه). إه

ورواه أبو عوانة في مسنده أيضاً بإسناد هذا نصه (حدثنا ابن شبابان ومحمد بن أحمد الواسطي قالا ثنا ابن زغبة قثنا الليث بن سعد عن العمري عبد الله يعني ابن عمر عن نافع عن ابن عمر) ..الخ

* وفي هذا السند مبهمان مجهولان هما ابن شبابان وابن زغبة كما أن فيه (محمد بن أحمد الواسطي) وهو ضعيف منكر الحديث كما جاء في كتاب لسان الميزان 5-53 لابن حجر العسقلاني

ورواه أبو عوانة في مسنده أيضاً بإسناد هذا نصه (حدثنا ابن أبي الدنيا قثنا خالد بن خداش قثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر بنحوه ولم يرفعه) ..الخ

* وفيه خالد بن خداش الذي ضعفه ابن المديني كما قال الذهبي في كتابه ذكر من تكلم فيه

كما رواه أبو عوانة بسند نصه (حدثنا محمد بن عوف الحمصي وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي ويزيد بن عبد الصمد وأبو الخصيب المستنير الكفرثي قالوا ثنا أبو اليمان قثنا شعيب عن الزهري عن سالم عن أبيه)

* وفي هذا الإسناد مبهمون مجهولون كشعيب كما أن فيه الزهري بالعنعنة وهو مدلس

كما أن أبو عوانة رواه من خلال طرق أخرى مدارها على الزهري بالعنعنة وهو مدلس كما ذكرت آنفا

ورواه الخرائطي في اعتلال القلوب من طريق قتادة بالعنعنة وهو مدلس ومن طريق آخر فيه داود بن عقبة وهو مجهول ومن طريق حانش بن الحارث وهو مجهول

ورواه الطبراني في كتاب الدعاء من طرق كلها معلولة بعلل وضعفاء ومدلسين مذكورين في هذا البحث

ورواه الإسماعيلي في المعجم من طريق فيه علل منها أنه من رواية الزهري بالعنعنة وهو مدلس

ورواه الدارقطني في جزء أبي طاهر ن طريق فيه علل منها أنه من رواية ابن فضيل الذي بينت ضعفه في بداية هذا البحث

ورواه غيرهم من طريق مجاهيل وضعفاء ومدلسين

جزء في بيان ضعف حديث الثلاثة الذين دخلوا غاراً فانطبقت على مدخله صخرة
عندك أي منتج؟
الكل: 2

جزاكم الله خيرا

سبحان الله

كنت أتسائل قبل يوم في نفسي عن الحديث وصحته

جحد السنة كفر . وحديث الآحاد الذي في سنده راوي واحد ومنه الذي استنكره الأخ على كلامه عن هذا الحديث هو مثل حديث النيات الذي مداره على عمر . شرع من قبلنا يدعو كذلك لعبادة ترك الحرام لله

أضف رداً جديداً..