السعر و الموقع الجغرافي ليست مؤشر لجودة عسل النحل
كما هو معروف أن العسل غذاء و دواء و ذكره الله سبحانه وتعالي في محكم التنزيل في سورة النحل " فيه شفاء للناس " الآية و في الأحاديث النبوية الشريفة و منها الحديث المشهور صدق الله و كذب بطن أخيك
ما من يوم يمر إلا و يتحدث الناس عن العسل الذي أصبح يحتار فيه البعض كبقية السلع مثل العود فالحيرة و الشك سببهما كثرة المعروض و تفاوت الأسعار فأدت إلى فقد الثقة في الكثير من العسل لذا أود أن أوضح بعض الحقائق عن هذا الموضوع الهام .
جودة العسل لا تحدده عوامل تسويقية أو جغرافية أو مصادر نباتية مثل السعر أو المصدر ( المكان ) أو نوع من العسل من مصدر نباتي معين فقد يكون العسل من مصدر مشهور و مصادر نباتية جيدة و بسعر عالي و مغشوش أما بأضافة السكر أو التغذية الصناعية بالسكر و العكس صحيح قد يكون رخيص الثمن و جيد فهي ليست قاعدة ثابتة للجانبين فبعض الناس يتحدث عن جودة العسل مثلا ويضع المقاييس بالأمور المالية كأن يقول العسل غالي الثمن دائما مغشوش و هذا ليست قاعدة علمية أو أن يحدد بان العسل الجيد لا يزيد ثمن الكيلو عن أربعون ريالا أي إذا كان بواحد أربعون ريال أصبح في عداد المغشوش فهل هذا كلام يعقل أو يستدل به أو يستند على أساس علمي أو تسويقي أبدا العسل الجيد يحدده أمور كثيرة منها ( طريقة تربية النحل ، الموقع الجغرافي ، المصدر النباتي ، طريقة الفرز ، طريقة التعبئة ، طريقة النقل ، طريقة التخزين ، مدة التخزين ، نوعية العبوات ) و العوامل السابقة إذا تحققت بها الشروط المطلوبة لإنتاج العسل الجيد فيصبح بأذن الله علاجيا سواء سعره عالي أو منخفض 1000 ريال أو 5 ريال للكيلو أو 500 ريال أو غيرة فالسعر تحدده التكلفة و قد يكون فيه نوع من المبالغات أحيانا .
تكلفة العسل في السعودية حسب الدراسات التي أجريت و خاصة البري 200-250 ريال للكيلو بينما ينخفض هذا الرقم في حالة المزارع كذلك في اليمن قريب من ذلك المبلغ بينما هناك أنواع من العسل مستوردة من دول عديدة التكلفة منخفضة جدا و قد يكون العسل عالي الجودة و هذا من فضل الله على عبادة بان هيأ لهم جميع المصادر و بأسعار مختلفة و هذه نعمة من الله تستحق الشكر لله سبحانه و تعالي .
ففي قديم الزمان كان الناس في المملكة و في الجزيرة العربية عامه لا يعرفون سوى العسل الحضرمي لأنه هو الوحيد الذي يسوق مع التجار القادمين للعمل بالإضافة إلى وجود مصادر للعسل في المنطقة الجنوبية ( أبها، جازان ، الطائف ، الباحه ...) و اعتاد الناس على طعم العسل الحضرمي و هو غالباَ عسل سدر أو طلح فله نكهه معينة و طعم مميز و يشترونه بسعر غالي لأنه الوحيد و السعر ليس مبرر للجودة أحيانا قد يكون غير طبيعي أو طبيعي لكن تأثر بالمعاملات الحرارية كالتسخين لفرز العسل من الشمع و هذه عادة قديمة عند بعض القبائل في حضرموت و التسخين كما هو معروف يزيد من تأكسد سكر الفركتوز في وجود الأحماض فيرتفع مركب هيدروكسي ميثيل فورفورال ( H.M.F ) " الذي يعتبره البعض من الكتاب في الصحف من الزيوت الطيارة في العسل و هو نواتج أكسدة " كما أن الأنزيمات تتأثر و بعضها يتحطم و البعض تقل قيمته حسب درجة التسخين و بما أننا تطرقنا للتسخين سوف نستعرض بعض الأمور الهامة للمستهلك فقد وجدت أثناء أجراء بحث الماجستير في جزء من الدراسة خاص عن تأثير التسخين على خواص العسل فقد قمت بمعاملة أنواع من العسل على درجات حرارة مختلفة 70° م ،100° م بأزمنة مختلفة 10، 20 دقيقة و حرارة الميكروويف بأزمنة مختلفة و جدنا أن العسل بعد تعريضه على 100° م تحطمت جميع أنزيماته و ارتفعت قيمة H.M.F إلى درجات تجاوزت حدود المواصفات القياسية إضافة إلى تأثير مكونات كثيرة في العسل أخري مثل الخواص العلاجية .
أما تسخين العسل على 70° م تأثرت الأنزيمات بدرجة اقل قد ينصح بعض الناس المستهلك بغلي العسل على النار للاستفادة من رغوته لنواحي علاجية أو اخذ العسل و خلطة بمركبات عشبية أقول في هذه النقطة ( غلي العسل يتلف العسل ) و لا يستفاد منه علاجيا أنما مادة غذائية و قد يكون فيه ضرر نتيجة ارتفاع مادة H.M.F و المؤثرة على الكبد على المدى البعيد كما أن بعض أصحاب المحلات يعرضون العسل على واجهة المحل المقابلة للشمس سواء في الشروق أو بعد الظهيرة و هذا يحدث تأثير على العسل يتغير العسل إلى اللون الأسود نتيجة الكرملة و الأكسدة يرفع من محتواه من مركب H.M.F و يزيد من فرص التخمر للعسل بتشجيع نمو الخمائر و الفطريات كما أن الأنزيمات تتأثر بانخفاض قيمتها و أكسدة بعض العناصر الغذائية مثل الفيتامينات و المعادن لذا ننصح بعدم شراء العسل المعروض على واجهة المحل المعرضة للشمس كما انصح أصحاب المحلات بعدم عرض العسل على هذه الواجهات و حفظة في درجات تخزين لا تزيد عن 25° م .
وفي النهاية نقدم للمستهلك خلاصة نبذه موجزه عن كيف يشتري العسل
1- فحص العسل حسيا من قبله و ذلك بان يكون طعمه طيب رائحته جيدة لا يوجد به روائح غريبة أو كريهة لا يوجد به فوران أو رغاوى ( أي ليس متخمر ) متماسك أي ناضج رطوبته ليست عالية لأنها فرصة لنمو الفطريات
2- بعد ذلك يقوم بأخذ عينة للفحص المخبري للتأكد من جودة العسل و ذلك بتحليله كيميائيا للتأكد من نسبة السكروز ، الرطوبة ، السكريات المختزلة ( جلوكوز – فركتوز ) ، H.M.F ، الحموضة ، أنزيم الدياستيز ، المصدر الزهري للعسل ، نسبة الرماد ، المواد الصلبة الغير ذائبة ، الخمائر و الفطريات . و قد يكتفي ببعضها فإذا كانت جميعها مطابقة للمواصفات و في الحدود المثلي فانه يكون بأذن الله علاجي و حسب مصدرة الزهري فان له تأثير على بعض الأمراض
3- بالنسبة للسعر ليس مؤشر للجودة فقد يكون رخيص الثمن أو غالى لكن ننصح المستهلك بما قل ثمنه و زادت جودته .
د/ إبراهيم عبد الله العريفي