قال مختصون إن قانون التمويل العقاري بصيغته الجديدة الذي يشترط دفع 30 في المائة كدفعة أولى للحصول على تمويل عقاري من المصارف لتملك المساكن لن يخدم إلا 20 في المائة من الراغبين في التملك.
وقدروا حجم منخفضي الدخل في السعودية غير القادرين على تأمين الدفعة الأولى عند الحصول على تمويل عقاري بنحو 80 في المائة، مشيرين إلى أن القانون في صيغته الجديدة لن يضع حلا للأزمة الإسكانية لأنه سيخدم شريحة ضيقة فقط.
واقترحوا أن تقوم المصارف بمنح القرض العقاري دون فوائد، على أن تتحمل الدولة، دفع تلك الفوائد، مطالبين المصارف بالنظر في أمر المقترضين عقاريا من خلال مسؤوليتها الاجتماعية وألا تكون الأرباح هي الهم الأكبر من خلال رفع نسبة الفائدة، كما طالبوا باستثمار احتياطيات مؤسسة النقد السعودية والمقدرة بثلاثة تريليونات ريال لتوفير المساكن للمواطنين.
ووفقا للدكتور حسين آل مشيط، مطور عقاري ورئيس لجنة المكاتب الهندسية في “غرفة جدة” فإن قانون التمويل العقاري الجديد لن يكون مناسباً لفئات محدودي الدخل من المجتمع، مشيراً إلى أن الأسعار الحالية للأراضي والمساكن تعتبر مرتفعة، ولا تتناسب مع الدخول المتوسطة والمنخفضة للمواطنين، لكنها قد تناسب ذوي الدخول المرتفعة، وهو ما قد يساعد في تغطية نحو 20 في المائة من حجم الطلب على المساكن وهم أصحاب الدخول المرتفعة.
وأوضح أن غالبية القروض يحكمها دائما قيمة السكن، ومدة السداد، وحجم الراتب، ونسبة الفائدة، وبالتالي لن يستفيد من تلك البرامج إلا من كان راتبه فوق 10 آلاف، كحد أدنى.
ولفت إلى أن برامج التمويل التي تطرحها المصارف “لا تكون غالباً من أجل سواد عيون المواطن، وإنما للاستفادة من حجم الأموال الكبيرة الموجودة في المصرف التي لا يتم الاستفادة منها، ويريد المصرف تشغيلها والحصول على فائدة عليها من خلال الإقراض”، منوها أن الدراسات تشير إلى أن المصارف السعودية تتمتع بوجود أعلى معدلات موجودات مقارنة بمصارف العالم، إذ إن غالبية موجودات المصارف هي حسابات جارية، وهي بالأساس حسابات المواطنين الذين يضعون أموالهم دون اشتراط الحصول على عوائد مقابلها، بسبب التوجه الديني لدى غالبية المواطنين، وبالتالي فإن المستفيد الأول والأخير من تلك الموجودات هو المصرف نفسه.
وطالب آل مشيط بإيجاد ضغط على المصارف لتوجيه الفوائد التي يجنيها من أموال الحسابات الراكدة، وتحويلها لإقراض المواطنين للسكن، أو تخفيض نسبة فوائد القرض، أو أن تتحمل الدولة دفع فوائد القروض السكنية التي يقرضها المصرف للمواطنين الراغبين في القروض لبناء أو شراء مسكن، بحيث يقترض المواطن بضمان الدولة، وبالتالي يخف الطلب على المساكن التي تقدمها الدولة، ويخف حجم القرض ومدته على المواطن، ويضمن المصرف السداد، على غرار آلية عمل الصندوق العقاري.
ولم يخف عدد من المواطنين التقتهم “الاقتصادية” مخاوفهم من قروض المصارف العقارية بسبب وجود عدة معوقات حالت دون تملكهم للمنازل، من أبرزها الارتفاعات المتتالية التي سجلتها منتجات الإسكان خلال السنوات الماضية التي دفعت بالسوق العقارية إلى مستويات مرتفعة جدا منعت محدودي الدخل من تحقيق حلمهم في تملك المسكن.
وأكد عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة أن تحديد الدفعة المقدمة بـ 30 في المائة لن يكون في مصلحة المواطن الراغب في تملك مسكن عن طريق تمويل عقاري، مشيرا إلى أن هذا القرار سينعكس سلبا على استثمارات المطورين العقاريين الذين يعتمدون اعتمادا كليا على تمويلات الإسكان للاستمرار في القطاع.
وأكد أن مشاريع وزارة الإسكان وإن تعثرت، ستكون هي الحل الضامن لتملك المسكن اللائق بالسعر المعقول، في حين أن القروض المصرفية ستكون مرهقة وسيجد المقترض نفسه وقد دفع فوائد تتجاوز الـ 150 في المائة من قيمة القرض من المصارف.
وحذر من عزوف المطورين عن تشييد المنازل في حال تنفيذ القرار بشكل إلزامي، مؤكدا في الوقت ذاته خروج صغار المستثمرين على المدى القريب، مضيفا “تنفيذ القرار سيسبب كسادا للنشاط قد تشهده كافة مدن المملكة خاصة المدن الأكثر نشاطا في التسويق، مطالبا بخفض قيمة الدفعة الأولى لتتناسب مع قدرات المواطنين خاصة محدودي الدخل”، موضحا أنه من المفترض ألا تتجاوز الـ 10 في المائة. من جانبه، اعتبر الدكتور طارق كوشك، الأستاذ الجامعي في جامعة الملك عبد العزيز أن الفئة المستهدفة من خلال تلك القروض هم أصحاب الدخول المرتفعة، معتبراً أن حلول الإسكان وتوفير المساكن الملك لعموم المواطنين من جميع الفئات يكمن في الاستفادة من احتياطات مؤسسة النقد السعودي، والمقدرة بنحو ثلاثة ترليونات ريال، وتوزيع أراض منحا، وبناء عمائر سكنية بحيث يسكن فيها المواطنون، على أن يتكفل المواطن بالبناء.
يذكر أن سوق التمويل العقارية ستدخل الأسبوع المقبل مرحلة جديدة، بتطبيق شروط التمويل العقاري الجديدة، التي تتضمن أن يكون التمويل على 70 في المائة من قيمة المسكن، وتكون الدفعة الأولى في التمويل 30 في المائة من قيمة القرض.
ومنحت المادة الـ 36 من نظام مراقبة شركات التمويل الشركات والمؤسسات العاملة التي تزاول نشاط التمويل في المملكة قبل سريان النظام، مهلة سنتين لتسوية أوضاعها وفق أحكام النظام الجديد، التي تنتهي بنهاية دوام يوم السبت 15 /1 /1436هـ الموافق 8 /11 /2014م.
وتراوح نسبة الدفعة الأولى حالياً التي تطرح ضمن منتجات التمويل التي تطرحها شركات التمويل العقاري، والمصارف نسبة ترواح بين صفر و 10 في المائة، تبعا لقيمة القرض والوضع الائتماني للمقترض، ومدة القرض.