دكتور / جمال محمد شحات فى صباح يوم مشرق جميل جاءنى اتصال من سيدة محترمة ولكن يغلب على لكنتها انها غير عربية وطلبت منى مقابلة الرئيس التنفيذى للشركة ولم يسبق لى معرفة به ولكنه شخصية عامة ملء السمع والبصر حيث انه سليل عائلة معروفة ووالده شخصية عامة غاية فى الاحترام ومن كبار رجال الاعمال فى البلدة التى اعمل بها وقد عرفت ان هذه السيدة مدبرة مكتبه وانها امريكية الجنسية ولكنها مسلمة .... فاستبشرت خيرا وخاصة ان شركته ملء السمع والبصر وانها لها علاقات دولية اى من الممكن اعتبارها شركة متعددة الجنسيات ... فذهبت قبل الموعد بساعة وقابلت الرئيس التنفيذى وانبهرت بشخصيته الودودة الرائعة وبفكره المتوقد الجاد واطروحاته الاسلامية المتجددة... واذا به يعرض على العمل فى شركته العملاقة . التى كنت احلم – مجرد حلم فقط – ان اعمل بها . هاهو الحلم سيتحقق... اه يارب ما اكرمك ... سا عمل مع هذا الرجل الفذ والشخصية الجذابة .. هاهى الاحلام تتحقق .. وفى شركة من اكبر واعظم الشركات بالبلدة الجميلة التى اعشقها ... وهاهو عرض العمل امامى للتوقيع ... ولكن اجد ان الراتب نصف ما اتقاضاه فى شركتى الحالية ... فاقول فى نفسى غير مهم .. غير مهم ... ان العمل مع هذا الرجل وفى هذه الشركة يفوق الخسارة التى تصيبنى من جراء انخفاض الراتب .. وما فائدة راتب كبير تتقاضاه وانت تكره المكان الذى تعمل فيه وتذهب كل يوم الى العمل وكانهم يجرونك جرا .... لا... هنا تتحقق الاحلام وتشعر بذاتك وكيانك ... وتقدمت باستقالتى من عملى ... ولكن طلبوا منى فى شركتى انجاز بعض الاعمال وانهاء بعض المعلقات .. حتى يتم اخلاء طرفى والا... لا .. سا فعل كل ماتريدونه ... اننى اريد ان احقق حلمى واذهب لذلك الرجل ولتلك الشركة .الذى لا يخلو يوم من ذكر اخبارها فى الجريدة و لا يمر اسبوع الا وللرئيس التنفيذى مقال فى الصحف او رسالة عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة .. وقد طلب منى الرئيس التنفيذى بعض المراجع من الاشخاص حتى يتسنى له ان يتم تثبيت تعيينى بالشركة الحلم .. ومالمانع .... طلب 3 اسماء فاعطيته 10 اسماء او اكثر كل من عرفنى وعملت معه من اصحاب الاعمال ومديرى السابقين وزملائى .. لا بد من ذلك حتى يزكونى واحصل على الوظيفة الحلم والشركة الحلم والرئيس التنفيذى الحلم ايضا ... تلك الشخصية الجذابة والعقلية الفذة خريج احدى اعظم الجامعات فى العالم .. ان لم يكن اعظمها على الاطلاق .. وواجهت المصاعب لكى يتم اخلاء طرفى من شركتى التى اعمل بها وتمت مساومتى على مستحقاتى بحجة اننى اتخلى عنهم .. غير مهم ... غير مهم ... فى سبيل الانتقال الى الشركة الحلم كله يهون .. هاهو الحلم قارب على التحقق . وكأن الشاعر كان يقول شعره الجميل فى هذه الوظيفة وليس فى بناء السد العالى : كان حلما فخاطرا فاحتمالا ثم اضحى حقيقة لا خيالا يارب هذا المكان الذى احلم منذ 3 سنوات على ان اعمل به .. اصبحت قاب قوسين او اكثر على العمل به والتقيت بالرئيس التنفيذى مرة اخرى فازداد انبهارى بالشخصية والانسانية والاسلوب والفكر . اكيد ان الوالدة تدعو لى ليل نهار حتى يتحقق الحلم .... واتفقنا على البدء اعتبارا من الاسبوع القادم .. ان قلبى يدق بسرعة وصدرى ينهج وكأنى فى مارثون .. واعصابى تكاد ان تفلت منى حتى ان اعصابى تخوننى احيانا وانا اقود سيارتى للذهاب للعمل فى اليوم الاول .. وكانى غير مصدق ... والتقيت به فى المرة الثالثة فى اول يوم عمل فازداد الاعجاب اعجابا ... ورحب بى ايما ترحيب .. اننى هنا صاحب الشركة ولست موظفا بها .. ثم سالنى . كيف احب ان ابدأ فى التفتيش على الموظفين .. فاخبرته بان يعرفنى بهم ثم يتركنى امضى فى طريقى وانا الخبير فى مجالى واعرف كيف ابدأ وكيف استمر وكيف احقق الامال والطموحات التى ينتظرها منى . وذهبت فى سيارته فقمت بربط حزام المقعد ويسالنى هل تفعل ذلك دائما ؟ فاجبته بالايجاب ولو كانت المسافة قصيرة جدا التزاما بهذا الامر فاثنى على وذكر لو لم يكن لدفع المخاطر فليكن لتحصيل الثواب .. انه يعتبر ربط حزام القيادة عمل تستحق عليه الاجر من الله عز وجل ... يالهى هل رايتم مثل هذا .. هل هو مجدد القرن الذى يبعث على راس كل قرن يجدد للامة دينها !!!! وعرفنى بقيادات الشركة ومدرائها وهو يمدح فى ويثنى على من الصفات والمؤهلات والاخلاق والحيثيات ... اخجلتم تواضعنا يا سعادة الرئيس التنفيذى .... وفى اثناء حديثنا عرفت انه توالى على هذه الشركة عدد هائل من المديرين خلال عمرها القصير وفى كل الادارات ولكن على الاخص فى الادارة المالية .. فتعجبت .. وذكرت للرئيس التنفيذى ان عدم الاستقرار فى الوظائف بصفةعامة وفى الادارة المالية بصفة خاصة من الامور السلبية جدا على استقرار الشركة وعلى تحقيق اهدافها وتثبيت اركانها . والظاهر ان كلامى لم يعجبه ... فاجاب على متضايقا وماذا يفعل ان كان المديرين الذين مروا على الشركة احدهم اخرق والاخر لا يفقه والثالث مجنون ... الخ ... يقصد لكل منهم عيبا!!! وعندما اخبرته بان هذا عيب من اختارهم ودليل على قلة خبرته ومهنيته .. ازداد ضيقه وانتقل الى موضوع اخر لانه لم يحب ان يستمر فى الحديث . هل هذا معقول ... ان الامور ليست بالمثالية التى كنت اظنها !!! .. والرجل ليس بالرجل الذى كنت اظنه !!! ثم جاءه مدير مكتبه يقول له ان احد الموظفين يقول يجب ان نفعل كذا وكذا .. فاذا به يسب ويقول يجب ان يفعل ما امره به هو واللى خلفوه ... ان الصورة بدات تتغير ... لا لعله غاضب ... الرجل ليس كما عرفته .. والا فكار تتلاعب بى ... هل لم اعرفه ... هل من الممكن ان يكون ظاهره غير باطنه ... لا لا غير معقول . وكان ممن تعرفت بهم المراقب المالى للشركة فاستقبلنى بترحاب ولكنه طلب ان نؤجل اجتماعنا للغد حيث انه مشغول فى هذا اليوم وفى صباح اليوم الثانى اجتمعت به واخبرنى انه يواجه حربا شرسة ومضايقات عدة وان جو العمل غير ملائم وتمنى لى التوفيق ثم ذهبت للمالية واثناء جلوسى مع احد الزملاء جائنى اتصال من مدير مكتب الرئيس التنفيذى يطلب استلام معلقات المرافب المالى نظرا لانه قد تقدم باستقالته ... يا الهى لقد كنا نتحث فى الصباح معا عن السياسات والاجراءات والضوابط وكأن الرجل سيمكث باقى عمره فى هذه الشركة وعند الظهيرة يتقدم باستقالته ... ماذا يحدث فى هذه الشركة لماذا معدل الدوران بهذه السرعة؟ ... لا... لا ان العيب فيهم وليس فى هذه الشركة العملاقة او الرئيس التنفيذى المعجزة ... وتتوالى الايام وكل يوم اصدم بحادثة او بقرار او بسياسة او باجراء ... ان هذه الشركة امرها عجيب فعلا...!! من الخارج تراها صرح عملاق او كا نها قطعة من امريكا وضعت فى قلب احد الاحياء الشعبية فى تلك المدينة الجميلة .. انها مدينة غير .. وهذه الشركة غير ...!!! وتتوالى الايام واعرف كل يوم شيئا وتتضح الصورة .. فلا الشركة بالشركة العملاقة ولا الرئيس التنفيذى بهذا الرجل المعجزة. بل لقد وجدت غيابا للرقابة .. وسوء فى المستوى وانعداما للضوابط الرقابية .. وكان الامور سداح مداح على راى العامة عندنا . وكلما توغلت فى الامر . وتعمقت فى الاجراءات والسياسات .. ادركت مدى خطورة الامر .. وان هذه الشركة مقبلة على كارثة لا محالة .. ولكن من اى شخص او من اى اتجاه .. الله اعلم .. لانها محاطة بقنابل موقوتة من انعدام الضوابط وغياب الرقابة الداخلية وعدم وجود الصلاحيات التى تحفظ للشركة كيانها وصراعات المديرين و حربهم مع بعضهم البعض لان كل واحد منهم يريد ان يصعد على كتف الاخر ويكون هو المدير المقرب من الرئيس التنفيذى !!! وتبدا الصورة تزداد قتامة وكان الحلم يتبدد فليس هذا المكان الذى حلمت به .. ويبدا الهمس يزداد بان السبب شخصية الرئيس التنفيذى واسلوبه فى الادارة .. فهو يسمع ويصدق لكل من ينقل له خبرا او قصة عن شخص اخر مهما كان الشخص الاخر امينا او علامة او حتى جهبذ فى مجاله وعلمه .. هل هذا معقول !! هل يتبدد الحلم وكانه اضغاث احلام ... هل الوالدة توقفت عن الدعاء لى !!! ولكن يظهر فى اخر النفق ضوء خافت فيطلب منى الرئيس التنفيذى - بحكم خبرتى ومؤهلاتى – ان اقوم بعمل تقييم شامل للاجراءات والسياسات الموجودة وكذلك للموظفين الذين يعملون فى الادارة المالية ... هاهو الرجل يعود الى رشده ويريد ان يحسن الاوضاع وطلب منى فى حزم بالغ من تراه يصلح بعد هذا التقييم سيستمر ومن نراه لا يصلح لن يمكث يوما واحدا ... فلا مكان للضعفاء او غير الاكفاء .. انه امر جيد . فلابد ان من يذكرون خلاف ذلك متضررون ولذلك يبثوا هذه الاشاعات والسلبيات .. هاهو الرجل يطلب منى عمل هذه التقييم الشامل ويسالنى كم يستغرق منك من الوقت فاخبره انه على اقل تقدير يستغرق 3 شهور فيقول لى سر على بركة الله وابدأ العمل ... لا .. ان الامور ستستقيم ولكنه اتصل بشخص ذكر لى انه مستشار اخر سيساعدنى فى هذه المهمة الكبيرة لاننى بمفردى ستكون صعبة فلابد من الاستعانة باخر حتى يتم انجاز المهمة على خير وجه .. لا انكر اننى امتعضت بعض الشىء .. لماذا يحضر اخر .. هل لعدم ثقة فى .. ام لقلة خبرتى .. ام ماذا .. وانا احاول ان ادفع هذه الافكار واخيرا اقول ان المهمة صعبة وكبيرة نظرا لكبر حجم الشركة وكثرة الادارات والاقسام ... وابدا لعمل مع هذا المستشار الخارجى والاحظ عليه انه يحب اسلوب الصدمات ويسالنى فى اجراء او تصرف عن راى وانا الخبير فى مجالى .. فاجد انه كلما كان المطلوب تشديد اجراءات الرقابة والضبط الداخلى كلما وجدنا ضعفا فى هذه الاجراءات .. يا العجب ..... هل من الممكن ان يوجد مكان به هذا الكم الهائل من نقاط الضعف والثغرات ... بل انك من الممكن ان تكتب تقريرا عن جميع الثغرات التى درسناها وعن جميع نقاط الضعف المعروفة ستجدها متوفرة فى هذه الشركة ...!!! هل هذا ممكن ... ان يوجد مكان به هذه الثغرات وخاصة انها شركة كبيرة وعملاقة وبها العديد من الادارات والاقسام والمديرين !!! ولا اكتمكم حديثا ان الياس كان يتسرب احيانا الى نفسى من جراء الكم الهائل من الثغرات والسلبيات . ان السلبيات تضرب فى كل ركن من اركان هذه الشركة ... والضعف يسيطر على كل ادارة .. والصلاحيات تائهة . والقيادة مغيبة .. والمستفيدون كثير .. وبالتالى يسيطر الضياع على هذه الشركة .. لم اكن اتصور ان يوجد كل الضعف .