من فاينينشال تايمز : صدع في جدار التكنلوجيا المالية

FINANCIAL TIMES
الذين يسمح لهم بالاقتراض عندما يكون المال سهلا قد يعجزون عن التسديد حين تصبح الأمور أكثر صعوبة
صدع في جدار التكنولوجيا المالية

جون جابر من لندن

كتب بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة "في هذا العالم لا يمكن القول إن هناك أي شيء أكيد، باستثناء الموت والضرائب". إلى هذين يمكن إضافة أمر ثالث لا مفر منه بالقدر نفسه: دورة الائتمان.

الأشخاص الذين يسمح لهم بالاقتراض فقط عندما يكون المال سهلا قد يعجزون عن تسديد قروضهم حين تصبح الأمور أكثر صعوبة. على مدى قرون أدت هذه القاعدة إلى أن تخسر المصارف المال وتهبط قيمتها في أعين الناس. وأصابت الآن التكنولوجيا المالية؛ مزيج التمويل والتكنولوجيا الذي كان من المفترض أن يكون أكثر ذكاء وأكثر كفاءة من المصارف.

اعتبارا من يوم الإثنين الماضي، عندما استقال رينو لابلانش من منصب الرئيس التنفيذي لـ "نادي الإقراض"، الذي هو منصة إقراض أمريكية عبر الإنترنت، لم يبدُ الأمر تماما على هذا النحو. صناعة إقراض السوق العام، وهي الصناعة التي كانت تعرف سابقا بإقراض النظير إلى النظير، تبدو الآن أكثر هشاشة من القطاع المصرفي. مع ظهور أول بادرة من المتاعب بسبب حالات الإعسار الكبيرة، بدأت صناديق التحوط التي جاءت للاعتماد عليها، تشعر بالخوف.

القروض السيئة تظل سيئة، بغض النظر عن كيفية إخفائها، أو تخفيف مخصصاتها، أو سحرها وتحويلها إلى مشتقات ائتمانية، أو محاولة تجاهلها. حتى إن رفض تحميل الديون وبيعها لشخص آخر - الابتكار المالي الذي كان من المفترض أن يجعل مقرضي المنصات في آمان - ليس هو الحل الشافي. في بعض النواحي، عدم اقتناء القروض والودائع يعمل فقط على جعل الأمور أسوأ.

جهات الإقراض أمثال "نادي الإقراض" و"بروسبير ماركيتبليس" Prosper Marketplace والتمويل الاجتماعي "سوفي" توسعت بسرعة في الولايات المتحدة منذ أزمة عام 2008، التي دمرت الميزانيات العمومية للمصارف وجعلتها مكروهة في أعين الناس. في البداية عملت على جعل الإقراض ديمقراطيا، بالجمع بين الأفراد عبر الإنترنت والشركات الصغيرة التي تسعى إلى الحصول على قروض مع آخرين مستعدين لإقراض المال، لكنها سحبت مزيدا من التمويل من المؤسسات وبشكل مطرد.

لم يكن ذلك أسلوب النظير إلى النظير حقا، إلا إذا اعتبرنا أن صناديق التحوط هي جهة نظيرة لك- 48 في المائة من قروض "نادي الإقراض" في الربع الأول من هذا العام تمت من خلال صناديق التحوط والمصارف - لكنه كان أسلوبا ناجحا. كان لدى الصناديق تكاليف أقل من المصارف، مع وجود شبكات فرعية، وكان يمكنها تقديم قروض أرخص ثمنا. وعمل كثير من العملاء على إعادة تمويل ديون بطاقات الائتمان أو قروض الطلبة.

وبدا ذلك وكأنه أمر جيد جدا من ناحية الأعمال، من دون التعرض للمخاطر نفسها مثل المصارف. يحصل "نادي الإقراض" على رسوم مقابل جمع المقرضين مع المقترضين ومن ثم يخرج من بينهما - حين كان يحدث أي خلل في القروض يكون ذلك مشكلة شخص آخر. مثل شركة أوبر التي تصر على أنها لا توظف سائقين أو تمتلك سيارات أجرة، تم تقييم "نادي الإقراض" وكأنه شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا فائقة أكثر من كونه مصرفا دوريا.

كان لدى نادي الإقراض رئيس فرنسي له شخصية آسرة، هو لابلانش، وشكَّل مجلس إدارة كان أعضاؤه من العاملين في عدد من الشركات الكبرى ـ ضم كثيرين بمن فيهم جون ماك، الرئيس التنفيذي الأسبق لـ "مورجان ستانلي"، ولورنس سمرز، وزير الخزانة الأمريكي الأسبق. وارتفعت أسهمه بنسبة 56 في المائة فوق سعر الإصدار في اليوم الأول من عملية اكتتابه العام الأولي في عام 2014 بقيمة 5.4 مليار دولار، وأصبح من أبرز الرموز في صعود التكنولوجيا المالية.

لكن "هناك عيبا في كل شيء"، كما غنى ليونارد كوهين في "النشيد الوطني"، والعيوب التي ظهرت في إقراض السوق العام بدأت في الظهور في نهاية العام الماضي. رفع "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي أسعار الفائدة قصيرة الأجل، ما يشير أخيرا إلى إمكانية حلول نهاية حقبة المال الرخيص، وبدأ العملاء في الإعسار بالنسبة إلى بعض القروض ذات المخاطر الأعلى - وظهرت دورة الائتمان.

المصارف، كونها قديمة، اكتسبت كثيرا من الخبرة في التعامل مع هذا النوع من الأمور، وكذلك المنافع جراء التعامل معها. وأصبحت ميزانياتها قائمة على ودائع التجزئة التي يغلب عليها عدم الفرار بسهولة. واستمرت معظم قروضها في تسديد الفائدة المترتبة، حتى عندما يتم شطب بعضها الآخر. ربما ترسو السفينة في عمق منخفض في الماء، لكنها تواصل إبحارها.

لم يكن لدى مقرضي السوق العامين دخل من الفوائد - إذ لم يكن بحوزتهم أي قروض، وبالتالي لا يكسبون أي فائدة - بالتالي يعتمدون على تعاملات جديدة. ويتعين عليهم الاستمرار في اجتذاب الإقراض وترتيب قروض جديدة لتحقيق الأرباح، لكن في الوقت الذي تعسرت فيه أوضاع أسواق رأس المال، تعرض تمويلها للإجهاد. واستغنت "بروسبير" عن ربع العمالة الموجودة لديها وتنازل رئيسها التنفيذي عن راتبه.

بدلا من أن تعوم في عالم شجاع من التكنولوجيا الجديدة، تبين أن التكنولوجيا المالية عرضة لدورة الائتمان. وبدا الإجهاد واضحا في أحد الحوادث التي حفزت رحيل لابلانش - باع "نادي الإقراض" قروضا بقيمة 22 مليون دولار لأحد المستثمرين الذي خرق الشروط المحددة واضطر إلى شرائها مرة أخرى.

استجاب مقرضو السوق العامون للهبوط الذي حصل بأسلوب تقليدي تماما. قبل أن يضطر لابلانش إلى المغادرة فجأة، كان يحاول إعادة "نادي الإقراض" لجذوره الأصلية "إقراض النظير إلى النظير" عن طريق اجتذاب مزيد من التمويل من الأفراد. وارتفعت حصة الإقراض لديه من قبل صناديق التحوط والمصارف إلى الضعف تقريبا في الفترة ما بين الربع الأول من العام الماضي وهذا العام، ما عمل على جعله عرضة لأهوائهم وأمزجتهم.

في الوقت نفسه، يحاول المقرضون توجيه مزيد من الأموال إلى القروض بأنفسهم عن طريق إدارة المال - عملت "سوفي" على تأسيس صندوق تحوط خاص بها، في الوقت الذي أوجد فيه "نادي الإقراض" ذراعا استثمارية تسمى "إل سي آدفايزرس". وتعمل "أون ديك كابيتال"، المقرض عبر الإنترنت للشركات الصغيرة، على الاحتفاظ بمزيد من القروض التي أوجدتها في ميزانياتها العمومية استجابة للانقباض المالي.

جمع ودائع التجزئة والاحتفاظ بالقروض؛ فما الذي تُذَكِّرك به الصناعة المالية؟ أوه نعم، إنها تُذَكِّرك بالمصارف. بعض الأساليب العتيقة في إقراض المال تبرهن على قيمتها حين تعود دورة الائتمان.

من فاينينشال تايمز : صدع في جدار التكنلوجيا المالية

إعلانات ذات صلة

عندك تجارة ومشاريع؟
عفواً.. لايوجد ردود.
أضف رداً جديداً..