لو حضر دكتور في التأريخ في مجلس من المجالس على أنه ضيفٌ موسط بوسط المجلس فهل نتوقع أن تكون أسئلة الحاضرين للضيف عن أنواع الثيران والبقران . ثم لو استُضِيف بعده بوقت مهندس معماري مثلاً فهل ستكون أسئلة الحاضرين له محصورة في الاقط والسمن وهل نفع وطنه ببحوث عن الكريث والتفيح وكأنه فلاح أو مهندس زراعي . عيب للمضيف أن يسمح للحضور بطرح مثل هذه الأسئلة على ضيفه في مجلسه واستنقاصه بشيء غير متخصص به إلا إذا كان معروفاً بثقافة واسعة في جميع المجالات لكن السامع لن يطمئن لسلامة أجوبة المثقف إلا ما كان جواباً متعلقاً بتخصصه . ومثله الشاعر عن شعره والميكانيكي عن الأمور الميكانيكية وكل متخصص في تخصصه . _________ من أعظم الأمور التي تقع لبنى آدم هي أنه لم يكن شيئاً مذكوراً ثم خُلِق وعاش ثم يموت ثم يحيا . فالحياة والموت ثم الحياة مرة أخرى من أعظم ما يجري لبني وبنات آدم وهي من أفعال الله العظمى التي لا يستطيع فعلها إلا هو فهو المحيي المميت سبحانه . دعا إبراهيم الله أن يريه كيف يحيي الموتى . طلب الله من إبراهيم أن يذبح طيوراً ويوزع لحمها على عدة جبال ثم يناديها ففعل وأتته ليركب اللحم ويلتئم مع العظام في الرأس فكانت طيورا كما كانت . أراد إبراهيم أن ينبسط ويطمئن بأعظم شيء لا يستطيع القدرة عليه إلا الله . ومثل هذه الطيور في موتها وحياتها بعد الموت ما حصل لعزير؛ عزير ذلك الرجل الذي أماته الله مائة عام مع حماره ثم أحياه وأحيا حماره . أحيا الله عزيراً ورأي كيف تلتصق عظام حماره ببعضها ويجتمع اللحم على الهيكل العظمي وكان موته وحماره لمئة عام بسبب أنه طرح سؤالا غير لائق عندما قال عن قرية تراثية متهالكة أنى يحيي الله هذه بعد موتها . أَنّى أي كيف . الله قادر أن يحييَ أهل القرية وكل من على وجه الأرض فهو على كل شيء قدير وهو القوي العظيم . اليهود شطحوا ومالوا في تعظيم عزير ميلة تشبه ميلة النصارى بعيسى بسبب هذه الحياة بعد الموتة الطويلة فقالوا عزير ابن الله . _______ الله عليم بكل شيء حتى أفعال الإنسان هي من خلق الله في التخصصات جميعها ومن الأفعال ؛ صناعات الأدوية والآلات المختلفة والاختراعات الدقيقة والجليلة وكافة المعارف التي هدى الله البشر إليها فاكتشفها من اكتشفها وطورها وعلمها من علمها بتوفيق الله وحده الذي خلقهم وخلق ما صنعوه وما حازوا عليه من معارف وممتلكات وتقنيات . الله المحيي المُمِيت يحيي الموتى فهو على كل شيءٍ قدير . ولا حياة ودين إلا بتعلم المهمات في الدين من خلال العلم الشرعي في مثل مدارس التعليم العام في السعودية وما ينشره الدعاة والمصلحون في المساجد وما يبينه العلماء الربانيون بالوسائل المختلفة كما هو حاصلٌ في هذا العصر وهذا من فضل الله . إن أفضل ما يُقضى به العمر في كل دهر وعصر هو طلب العلم والعمل به ونشره . بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) .