تشير كل الدلائل إلى أن البنك المركزى المصري فى اتجاهه لرفع أسعار الفائدة على الودائع والاقتراض مجددا فى اجتماعه المقبل 21 مايو، فى ظل مطالبات صندوق النقد الدولى لمصر بضرورة السيطرة على معدلات التضخم العالية التى وصلت إلى مستويات قياسية بعد تعويم الجنيه واقتربت من 33%. فيما اعتبر خبراء اقتصاديون أن هناك حلولا بديلة لمواجهة معدلات التضخم العالية دون اللجوء إلى رفع أسعار الفائدة تتمثل أبرزها فى زيادة الإنتاج والسيطرة على الأسواق وارتفاع الأسعار والاهتمام بالصناعة المحلية والتعاقد مع الفلاحين على شراء الخضار والفاكهة بشكل مباشر دون وسيط. وقرر البنك المركزى، تأجيل اجتماع لجنة السياسة النقدية لبحث أسعار الفائدة، من موعده الخميس 18 مايو، إلى الأحد 21 مايو الجارى. وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي، في تصريحات مؤخراً، إنه يتوجب على مصر العمل على مزيد من الإجراءات لمعالجة مشكلة التضخم. وأوضحت لاجارد أن الإصلاحات الأخرى يجب أن تستمر، ولكن يجب أن يكون هناك تركيز خاص على التضخم، وأعتقد أن محافظ البنك المركزي ووزير المالية في مصر على حد سواء يدركان ضرورة معالجة مخاطر التضخم التي تؤثر على السكان. وفي تصريحات لجهاد أزور مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط، ذكر أن مصر تملك أدوات نقدية ومالية، تشمل تحريك أسعار الفائدة للمساعدة في احتواء التضخم. وقال إن الصندوق يري أن أسعار الفائدة هي الأداة الصحيحة للسيطرة على التضخم في مصر، وهو ما يتم مناقشته مع مصر. وقررت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند 14.75% و15.75% على التوالى، وسعر الائتمان والخصم عند 15.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 15.25%. وأعلن البنك المركزي المصري، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل تراجعا للمرة الأولي خلال شهر مارس الجاري وذلك لأول مرة منذ يوليو 2016، ليسجل 32.25% فى مارس 2017، مقابل 33.10% خلال فبراير. وأضاف المركزي فى أحدث تقرير صادر عنه، أن التضخم الأساسى سجل أقل معدل شهري له خلال شهر مارس منذ أغسطس 2016، ليسجل 0.97% خلال مارس 2017، مقابل 2.61% خلال فبراير 2017. أما الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ذكر أن الريف سجل ارتفاعًا في أسعار السلع الاستهلاكية، خلال شهر مارس الماضي بنسب تفوق ما سجله الحضر، حيث بلغ معدل التضخم «نسبة التغير في أسعار السلع» بريف الجمهورية خلال مارس الماضي، 34.4% مقابل 30.9% بالمدن. وقال الجهاز إن نسبة «34.4%» هي معدل التضخم السنوي في أسعار السلع الاستهلاكية بالريف في مارس 2017 مقابل نفس الشهر من العام الماضي «مارس 2016»، والذي بلغ فيه معدل التضخم 9.4%. في حين بلغ معدل التضخم السنوي في أسعار السلع الاستهلاكية بحضر الجمهورية خلال الشهر الماضي 30.9% مقابل 9% في مارس 2016، لافتًا إلى أن هذا الارتفاع في معدل التضخم، ترجع أسبابها لارتفاع أسعار عدد كبير من السلع أهمها «الخضروات، والفواكه، واللحوم والدواجن والأسماك، والدخان». وكان البنك المركزى المصرى، قرر فى 3 نوفمبر 2016، تحرير سعر صرف الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية وأن يتم التسعير وفقًا لآليات العرض والطلب، وإطلاق الحرية للبنوك العاملة النقد الأجنبى من خلال آلية الإنتربنك الدولارى. السلوك الاستهلاكى الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة، أكد أن أسباب ارتفاع الأسعار جاءت بسبب السلوك الاستهلاكي داخل المنازل، والذي يؤثر سلبًا على الأسعار، وأيضا استيراد السلع الأساسية، والتي تؤثر في معدل التضخم. وأضاف معيط، إن مواجهة التضخم يأتي من خلال التحكم في معدلات الإسكان وزيادة الإنتاج من السلع الأساسية، قائلاً: «علينا ضبط الاستهلاك في المواد الغذائية لمواجهة ارتفاع الأسعار». ودعا نائب وزير المالية، المواطن المصري إلى ضرورة ضبط استهلاك المواد الغذائية وضرورة التعامل مع كافة العناصر المؤثرة على التضخم، لافتًا إلى أن الفترة الماضية شهدت بالفعل إزالة وحل بعض الآثار الاقتصادية. 3 حلول بديلة الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، قال إن هناك 3 حلول بديلة لخفض معدلات التضخم بعيدا عن رفع أسعار الفائدة ويمكن استخدامها بسهولة إذا أرادت الحكومة ذلك بالفعل. وأوضح عبده فى تصريحات ل"مصر العربية"، أن هذه الحلول تتمثل فى السيطرة على انفلات الأسعار من جانب التجار الجشعين الذين استغلوا ارتفاع سعر الدولار ورفعوا الأسعار 300% رغم أن ارتفاع الدولار كان 120%، وتعاقد وزارة التموين مع الفلاحين مباشرة على الخضار والفاكهة وطرحها فى الأسواق بالمناطق الشعبية للقضاء على دور الوسيط الجشع وبالتالى تنخفض الأسعار. وأشار إلى أن ثالث هذه الحلول هو العمل على خفض سعر الدولار الذى نستورد به 70% من احتياجاتنا من الغذاء لأن اعتمادنا على الخارج فى غذائنا مصيبة كبرى ويستنزف الموارد المالية الأجنبية للدولة. وأضاف الخبير الاقتصادى، أن إجراء رفع سعر الفائدة على الودائع فى البنوك لامتصاص السيولة آثاره سلبية على الاقتصاد المصري لأن المستثمرين سيفضلون وضع أموالهم فى البنوك بفائدة أعلى بدلا من تحمل مخاطر استثمارها فى المشروعات واحتمالية الربح أو الخسارة. وأوضح أن رفع سعر الفائدة يجعل المستثمرين يبتعدون عن الاقتراض من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة ما يؤدى إلى توقف الاستثمارات التى تؤثر بالسلب على نمو الاقتصاد. وأشار إلى أن بعثة صندوق النقد الدولى التى تزور مصر حاليا هدفها الأساسى فى المباحثات والمناقشات كيفية السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة من خلال رفع سعر الفائدة مجددا. وتوقع عبده أن توافق الحكومة على شروط صندوق النقد الدولى الجديدة والتى من المتوقع أن يكون من بينها رفع سعر الفائدة ولكن سيكون ارتفاعا طفيفا قائلا "هيرفع سعر الفائدة أكتر من كده إيه تانى". وقررت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند 14.75% و15.75% على التوالى، وسعر الائتمان والخصم عند 15.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 15.25%. تسعير إدارى للدولار من جانبه قال الخبير الاقتصادى رضا عيسى، إن الحلول البديلة لخفض معدل التضخم دون الاستعانة برفع سعر الفائدة مجددا تتمثل فى تحديد سعر إدارى للدولار من جانب البنك المركزى إلى أن نستطيع تحقيق التوازن بين العرض والطلب فى السوق. وأضاف عيسى فى تصريحات ل"مصر العربية"، أن الحل الثانى هو زيادة الإنتاج وتشجيع الزراعة والصناعة بقيمة مضافة محلية عالية ودخول المنتجات المحلية بشكل كامل فى الصناعة وليس الاعتماد على الخارج فى أجزاء كثيرة من الصناعات، فضلا عن فرض ضرائب على المضاربات فى البورصة بدلا من زيادة الإعفاء الضريبية على المستثمرين فى قانون الاستثمار الجديد. وأشار إلى أنه يجب إعادة النظر فى السياسات الاقتصادية بمصر بشكل كامل فى الفترة الحالية لأن طريقة تعويم الجنيه منذ البداية كانت خاطئة وكان لابد من تعويم جزئى متدرج للجنيه وليس تعويما كاملا حتى يستوعب السوق والمواطنين القرار. وتابع "سياسات صندوق النقد الدولى هتغرقنا والمصيبة إن صندوق النقد هو اللى قلقان من معدل التضخم العالى والحكومة بتاعتنا نايمة ومش فارق معاها حاجة". زيادة الإنتاج الدكتور على الإدريسي الخبير الاقتصادي، قال إن معدلات التضخم الحالية في مصر أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة؛ لأن هناك حالة من الركود التضخمي تتمثل فى ضعف الإنتاج وارتفاع معدلات الطلب وأسعار السلع في ظل قوة شرائية منخفضة للعملة. وأضاف الإدريسي في تصريحات ل"مصر العربية"، أن معدلات التضخم تؤثر بشكل كبير على الطبقات المتوسطة والفقيرة، مشيرا إلى أن الطبقة الوسطى حاليًا لم تعد في استطاعتها المعيشة بمرتبات العام الماضي بسبب ضعف القوة الشرائية. وأكد الإدريسي أن الخروج من المأزق الحالي وأزمة التضخم يتمثل في زيادة الإنتاج وإتاحة السلع فى الأسواق بكثرة والاهتمام بالصناعة المحلية والاعتماد على البديل المحلى لخفض حجم الواردات التى تزيد الطلب على الدولار وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة على المدى القريب وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأما على المدى البعيد يجب على الدولة الاهتمام بزيادة الاستثمارات ووضع المزيد من الحوافز الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخارجية لإنشاء المصانع وزيادة الإنتاج والتصدير للخارج ما يؤدي لزيادة العملة الأجنبية. وتوقع الخبير الاقتصادي أن يرتفع التضخم في الشهرين القادمين خاصة بعد شهر رمضان الذي من المؤكد سترتفع فيه الأسعار ولن تستطيع الحكومة السيطرة على الأسواق فيه كالعادة رغم إعلانها الدائم عن توفير وضخ كميات كبيرة من السلع فى الأسواق لمواجهة ارتفاع الأسعار. وأشار إلى أن معدل التضخم قد يصل إلى مستويات قياسية جديدة في شهر يوليو المقبل مع ارتفاعات الأسعار الجديدة في الطاقة والكهرباء حيث من الممكن أن يصل إلى 40%، فضلا عن المشكلات الأمنية والإرهاب الذى يضرب البلاد والذى نتج عنه فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور سيكون وضع الاقتصاد فيها صعب للغاية. وأعلن البنك المركزي المصري، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل تراجعا للمرة الأولي خلال شهر مارس الجاري وذلك لأول مرة منذ يوليو 2016، ليسجل 32.25% فى مارس 2017، مقابل 33.10% خلال فبراير. وفي مذكرة بحثية لشركة «فاروس» للأبحاث، قالت إن هناك عاملين من العوامل الموسمية سيؤثران على معدل التضخم الشهري في أبريل ومايو، أبرزها شهر رمضان، والذي عادة ما يشهد ارتفاع معدل التضخم، إضافة إلى موسم حصاد القمح، والذي يقلل من فرص حدوث حركات حادة في أسعار الغذاء، مشيرة إلى انخفاض مخاطر تمرير مزيد من زيادة الأسعار عند مستوى سعر الصرف الحالي. توقعات برفع الفائدة وتتوقع بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، أن يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل، كأحد الآليات للسيطرة على ارتفاع معدل التضخم. وقالت بسنت فهمي في تصريحات سابقة ل«مصر العربية»، إن القرار قد يساعد على تقليل مستوى السيولة المحلية التي تقترب من 3 تريليونات جنيه، فضلًا عن رفع الادخار المحلي لتوفير التمويل اللازم لزيادة الاستثمارات بالسوق المصرية. وفى أعقاب خطوة تحرير سعر صرف الجنيه المصري، فإن نسبة عائد20 % على شهادات الادخار جذبت أكثر من 400 مليار جنيه محفظة ودائع بالبنوك التي أصدرتها تعد من أعلى نسبة الفائدة عالميًا. وذكرت «بسنت» أن البنك المركزي سيكون أمام إحدى خياران، الأول رفع أسعار الفائدة ولو بنسبة منخفضة لن تقل عن 100 نقطة أساس ( تعادل 1%)، أما الخيار الثاني إغفال دور الفائدة في السيطرة على التضخم نظرا لارتفاع التكلفة على الموازنة العامة للدولة. وتابعت عضو مجلس النواب: «يجب التعلم من التجربة التركية ونجاحها في السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم والتي وصلت لنحو 90 % النصف الأول من تسعينات القرن الماضي». واتفق سعيد زكي، عضو مجلس إدارة بنك المصري الخليجي السابق، مع التوقعات برفع أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة بالاجتماع المقبل للبنك المركزي، لتساهم جزئيا في الحد من التضخم. وأضاف زكي ل«مصر العربية»، أن رفع سعر الفائدة يدفع إلى زيادة معدلات الادخار بما إتاحة المبالغ المطلوبة لتمويل الاستثمارات المحلية، والتي ستساهم في زيادة الانتاج وخفض معدلات التضخم تدريجيا. وأوضح «زكي» أن تكلفة رفع أسعار الفائدة تتراوح بين 15 إلى 16 مليار جنيه تتحملها الخزانة العامة نتيجة الاعتماد على الاقتراض من البنوك لتمويل العجز. وتتجاوز نفقات الدين بموازنة العام المالي المقبل نحو 380 مليار جنيه، مقابل نحو 311 مليار جنيه متوقعة بالعام الجاري.