مقارنة بين الزواج في الإسلام واليهودية والنصرانية طبيعته في اليهودية باعتبارها الأقدم ؟ - لم يصطبغ الزواج عند بني إسرائيل بالصبغة الدينية القائم عليها الآن بل إن الزواج منذ عهد الرعي إلى مابعد عصر موسى عليه السلام كان مجرد تصرف مدني بحت يتم بلا مقدمات أو إجراءات وينتهي بلا إجراءات ولا إرادة فيه للمرأة ولا اختيار بل عليها الإذعان لقبول الرجل الذي أختاره وليّها فتتزوجه سواء كانت كارهة أو راضية. وقوام الزواج في اليهودية الثمن الذي يبذله الرجل الراغب في الزواج، ولهذا فإن المال يدفعه الرجل وهو ما يشبه المهر له أهمية بالغة وما زال هو أهم ما في الزواج وجوهره وذلك لأن الزواج أرتبط عند بني إسرائيل ارتباطا وثيقا بالاقتصاد وتأثرت أنظمته بمجموعة من الظروف تبعا لتغير معيشتهم الاقتصادية من الرعي إلى الزراعة ثم التفرق ثم التجارة. والمرأة في اليهودية مفقودة الحرية ولا تحظى بمكانة إلا إذا أصبحت أماً فقط، أما في كل أوضاعها الأخرى فهي «أحبولة الشيطان ومصدر الخطيئة وسبب خروج آدم من الجنة» ولهذا فإن عقوبتها طوال حياتها وحتى يوم القيامة أن تكون خاضعة لسلطة الرجل وأوجاعها في الحمل والولادة كنوع من التكفير عن خطيئتها وهذا مبدأ عقائدي ثابت في اليهودية. ومن أبرز صور الأنكحة لدى اليهود «زواج بيوم» وهو أن الزوج إذا توفّي ولم يخلّف عقبا تتزوج أرملته أخاه فإذا ما كان إخوة الزوج المتوفّى صغارا ذهبت إلى بيت أبيها لتحتبس حتى يكبر أحد الإخوة وفي حال عدم وجود أخ للمتوفّى تلتزم المرأة بالزواج بأقرب أقاربه وينسب الولد الذي يولد من هذه الزيجة إلى الزوج المتوفّى دون أن يخلّف عقبا ويحمل اسمه. وكان التعدد منتشرا في بني إسرائيل حتى أنّ كتبهم المقدسة تؤكد أن سليمان عليه السلام تزوج 700 امرأة عدا 300 من السراري. وهذا ليس غريبا لأن من يتصفح توراتهم المحرَّفة يجد الجنس هو الدافع الوحيد للزواج، وتنحلّ العلاقة الزوجية بالإرادة المنفردة للزوج. ○○○○○○○ الزواج في المسيحية وماذا عن الزواج في المسيحية وهل تأثّر بما جاء في التوراة والذي يعدّ جزءا من عقيدتهم؟. كان لدعوة الزهد في الحياة الدنيا أثرها في الفكر والفقه المسيحي ورغم قول المسيح عليه السلام «ما جئت لأنقض الناموس بل لأكمله» فإن هناك خلافا جوهريا في شؤون الزواج بين رجال الفقه المسيحي واليهودي حيث فصلت المسيحية بين الزواج والجانب الاقتصادي على عكس اليهودية. وقد قال علماء الفقه والتاريخ المسيحي «إن المسيح عاش بين الفقراء والمساكين بلا زواج ولا أولاد واتفقوا على أنه لم يحرم الزواج بل بدأ به حياته العامة بالظهور في حفل قانا الجليل وبارك الحفل بأن أجرى هناك أولى معجزاته».. وقد ظهرت الرهبنة في أواخر القرن الثالث وازدهرت في القرن الرابع وكان لبولس اليد الطولى في نشرها. ويتم الزواج في المسيحية من خلال ثلاث مراحل هي: الخطبة ليكون الرضا برؤية تامة وفحص كاف ثم «الأملاك» وهو تمليك كل من الخاطبين للآخر إلا أنه لا يعد زواجا تاما ومن ثم لا يحل المعاشرة ولا يتمتع الرجل بأي سلطة على زوجته قبل أن تتم المراسم الدينية وإلى أن تدخل بيته ويلزم في عقد «الأملاك» تحديد مدة معينة لإجراء الزواج وهي سنتان للمقيم وثلاث لمن يسافر. أما الزواج فإن أبرز مراسمه الدينية الإكليل وأبرز معالمه وضع التاج على رأس العروسين وإسدال الحجاب على وجه العروس وتسليم المرأة من قبل وليّها إلى الرجل ومصاحبتها إلى بيت الزوجية وسط حفل عام. وللأسف لقد تأثرت تقاليد الزواج عند المسلمين بهذه التقاليد ذات الأصل الروماني وعلى رأسها مبدأ الزوجة الواحدة. ما هو تفسيركم لتشدد المسيحية في التعامل مع قضية الزواج مثل تحريم الطلاق إلا في حالة الزنا فقط؟ وصف القائمون على الدين المسيحي الزواج بأنه سر مقدّس من أسرار الكنيسة وعالجوا قواعده وأحكامه من خلال ذلك المفهوم. وترجع الجذور الأولى لهذه الفكرة العقائدية عندهم إلى ما نسبوه من مباركة المسيح لعرس قانا الجليل كما أن بولس شبّه علاقة الرجل بالمرأة بصلة المسيح بالكنيسة فرتّبوا على ذلك العديد من النتائج أهمها أن الزواج رابطة مقدّسة وهو سر لا يكون إلا بيد الكنيسة وحدها. ○○○○○○○○○ سمات متميزة بماذا يتميز نظام الزواج في الإسلام عن نظام الزواج في المسيحية واليهودية؟ يتفرد الزواج في الإسلام بصيغة خاصة وذاتية مستقلة تستمد خصائصها المميزة من الدين الحق لتنظيم مبادئ وقواعد وأحكام الزواج، ولهذا جاء تنظيم الزواج دقيقاً ومحكماً وفصّلت ذلك كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويكفي أن الله جعله آية من آياته وقد عبّر أحد المستشرقين عن رؤيته للزواج في الإسلام حين قال «هناك ميدان يعتصم فيه التشريع الاجتماعي للإسلام اعتصاما منيعا، إنه ميدان الأحوال الشخصية بما في ذلك الزواج والطلاق والإرث وإن سبب هذه المناعة لا يرجع فقط إلى شمول هذا النظام الذي يوجّه عملياً كل فرد في المجتمع وإنما يرجع إلى أن القرآن قد عيّن القواعد الأساسية تعيينا واضحاً. وقد نظر الإسلام إلى الزواج على أنه ميثاق غليظ يتفق مع الفطرة السوية وتبادل للحقوق والواجبات واحترام لكرامة كل من الرجل والمرأة على حد سواء وتمت فيه مراعاة الصفات الفطرية في كل من الجنسيين ونقاط ضعفه وقوته في إطار من التكامل والمودة والرحمة وليس صراعا. ويكفي أن الزواج جعله الإسلام عبادة ومن يتق الله في زوجه ورعيته يكون مصيره الجنة ويشترط الرضا في طرفي العلاقة حتى يكونا سَعِيدَيْنِ فإنّ لم يحدث توافق فإنّ للرجل حق الطلاق وللمرأة حق الخلع، ونظّم العلاقة بين الزوجين في أدق الأمور وبيّن الحلال والحرام وجعلهما مسؤولين عن أولادهما أمام اللّه. ولهذا فإن الزواج في الإسلام نظام حياة واستقرار وليس مجرد عقد فقط ولهذا لا يوجد تشريع سماوي أو وضعي متكامل وشامل مثل ما هو موجود في الإسلام وإذا كانت هناك أية أخطاء في التطبيق أو سوء الاستخدام فهذه مسئولية المسلم وليست مسئولية دينه الذي حدد ضوابط لكل سلوك في حياته الزوجية حتى يضمن للأسرة الاستقرار وللزوجين السعادة . ( منقول ) . الله صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .